والمحمود، والعابد والمعبود، مبدأ ومنتهى، ولما تجلى في كلامه لعباده بصفاته شاهدوه وبعظمته وبهائه وكمال قدرته وجلاله، فخاطبوه قولًا وفعلًا بتخصيص العبادة به وطلب المعونة منه إذ ما رأوا معبودًا غيره، ولا حو لولا قوة لأحد إلا به، فلو حصروا لكانت حركاتهم وسكناتهم كلها عبادة له، وبه، فكانوا على صلاتهم دائمين داعين بلسان المحبة لمشاهدتهم جماله من كل وجه على كل وجه {اهدنا الصراط المستقيم}[الفاتحة: ٦]؛ أي ثبتنا على الهداية ومكنا بالاستقامة في طريق الوحدة التي هي طريق المنعم بالنعمة الكامنة الرحيمية التي هي المعرفة والمحبة والهداية الحقائقية مع النبيين، والشهداء، والصديقين، والأولياء الذين شاهدوه أولًا، وآخرًا، وظاهرًا، وباطنًا، فغابوا في شهودهم طلعة وجهه الباقي عن وجود الظل الفاني.
{غير المغضوب عليهم}[الفاتحة: ٧] الذين وقفوا مع الظواهر، واحتجبوا بالنعمة الرحمانية والنعيم الجسمي والذوق الحسي عن الحقائق الروحانية والنعيم القلبي والذوق العقلي كاليهود؛ إذ كانت دعوتهم إلى الظواهر، والجنان، والحور، والقصور، فغضب عليهم؛ لأن الغضب يستلزم الطرد أو