بخلاف «إن» فإنها تستعمل في المشكوك والموهوم والنادر، ولهذا قال تعالى:{إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا}[المائدة: ٦]، ثم قال:{وإن كنتم جنباً فاطهروا}[المائدة: ٦]، {وإن تصبهم سيئة يطيروا}[الأعراف: ١٣١]، {وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون}[الروم: ٣٦]، أتى في جانب الحسنة ب «إذا»؛ لأن نعم الله على العباد كثيرة ومقطوع بها، وبـ «إن» في جانب السيئة؛ لأنها نادرة الوقوع ومشكوك فيها، نعم أشكل على هذه القاعدة آيتان: الأولى: {ولئن متم}[آل عمران: ١٥٨]، {أفإين مات}[آل عمران: ١٤٤]، فأتى بـ «إن» مع أن الموت محقق الوقوع، والأخرى قوله: {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون (٣٣)} [الروم: ٣٣]، فأتى ب «إذا» في الظرفين، وأجاب الزمخشري عن الأولى بأن الموت لما كان مجهول الوقت أجري مجرى غير المجزوم، وأجاب السكاكي عن الثانية: بأنه قصد التوبيخ والتقريع فأتى بـ «إذا»؛ ليكون تخويفاً لهم وإخباراً بأنهم لا بد لهم أن يمسهم شيء من العذاب، واستفيد التقليل من لفظ المس وتنكير ضر.
وأما قوله تعالى:{وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض}[فصلت: ٥١]، فأجيب بأن الضمير في {مسه} للمعرض المتكبر لا لمطلق الإنسان، ويكون لفظ:{إذا} للتنبيه على أن مثل هذا المعرض يكون ابتلاؤه بالشر مقطوعاً به، وقال الخويي: الذي أظنه أن {إذاً} به يجوز دخولها على المتيقن والمشكوك؛ لأنها ظرف وشرط، فبالنظر إلى الشرط تدخل