بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، فنزلت هذه الآية، آية التخيير:{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن}[التحريم: ٥] الآية.
وفيه أنه قال: فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر فضحك- وكان من أحسن الناس ثغراً- قال: ونزلت أتشبث بالجذع، وهو جذع يرقى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وينحدر، ونزل رسول الله كأنما يمشي على الأرض، ما يمسه بيده، فقالت: يا رسول الله، إنما كنت في الغرفة تسعاً وعشرين؟ فقال:«إن الشهر يكون تسعاً وعشرين»، قال: ونزلت هذه الآية: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}[النساء: ٨٣]، قال: فكنت أنا الذي استنبطت ذلك الأمر، فأنزل الله - عز وجل - آية التخيير.
وفي رواية للبخاري ومسلم، قال: مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية، فما أستطيع أن أسأله هيبة له، حتى خرج حاجاً، فخرجن معه، فلما رجعنا- وكنا ببعض الطريق- عدل إلى الأراك لحاجة له، فوقفت له حتى فرغ، ثم سرت معه، فقلت: يا أمير المؤمنين، من اللتان تظاهرتا على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه؟ فقال: تلك حفصة وعائشة، فقلت: والله إن كنت لأريد أن أسألك عن هذا منذ سنة، فما أستطيع هيبة لك، قال:«فلا تفعل، ما ظننت أن عندي من علم، فلسني، فإن كان لي به علم أخبرتك به»، ثم قال عمر: والله، إن كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمراً، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم، قال: فبينا أنا في أمر أتأمره، إذ قالت امرأتي: لو صنعت كذا وكذا؟ فقلت لها: ما لك ولما ها هنا؟ فيما تكلفك في أمر أريده! فقالت لي: عجباً لك ابن الخطاب! ! ما تريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان؟ فقام عمر، فأخذ رداءه مكانه، حتى دخل على حفصة، فقال لها: يا بنية، إنك لتراجعين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظل يومه غضبان؟
فقالت حفصة: والله إنا لنراجعه، فقلت: تعلمين أني أحذرك عقوبة الله، وغضب رسوله؟ يا بنية، لا يغرنك هذه التي أعجبها حسنها، وحب رسول الله