إياها- يريد عائشة- قال: ثم خرجت، حتى دخلت على أم سلمة لقرابتي منها، فكلمتها، فقالت أم سلمة: عجباً لك يا ابن الخطاب! دخلت في كل شيء، تبتغي أن تدخل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أزواجه؟ قال: فأخذتني والله أخذاً كسرتني به عن بعض ما كنت أجد، فخرجت من عندها، وكان لي صاحب من الأنصار، إذا غبت أتاني بالخبر، وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر، ونحن نتخوف ملكاً من ملوك غسان، ذكر لنا: أنه يريد أن يسير إلينا، فقد امتلأت صدورنا منه، فإذا صاحبي الأنصاري يدق الباب، فقال: افتح، افتح، فقلت: جاء الغساني؟ فقال: بل أشد من ذلك، اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجه، فقلت: رغم أنف حفصة وعائشة، فأخذت ثوبي فأخرج حتى جئت، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشربة له، يرقى عليها بعجلة، وغلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأس الدرجة، فقلت: قل: هذا عمر بن الخطاب، فأذن لي، قال عمر: فقصصت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث، فلما بلغت حديث أم سلمة تبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنه لعلى حصير، ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم، حشوها ليف، وإن عند رجليه قرظاً مصبوراً، وعند رأسه أهب معلقة، فرأيت أثر الحصير في جنبه، فبكيت، فقال:«ما يبكيك؟ » فقلت: يا سول الله، إن كسرى وقيصر فيما هما فيه، وأنت رسول الله! فقال:«أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة»؟ .
وأخرجه النسائي مجملاً، وهذا لفظه: قال ابن عباس: لم أزل حريصاً أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اللتين قال الله - عز وجل -: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما}[التحريم: ٤]، وساق الحديث.
هكذا قال النسائي، ولم يذكر لفظه، وقال: واعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه- من أجل ذلك الحديث، حين أفشته حفصة إلى عائشة- تسعاً وعشرين ليلة، قالت عائشة، وكان قال: ما أنا بداخل عليهن شهراً، من شدة موجدته عليهن حين حدثه الله - عز وجل - حديثهن، فلما مضت تسع وعشرون ليلة دخل على عائشة، فبدأ بها، فقالت له عائشة: قد كنت آليت يا رسول الله أن لا تدخل علينا