فإن قلت: كيف ذهبت إلى/ أن أول من جمع القرآن في المصحف أبو بكر رضي الله عنه وقد روى ابن أبي داود في "المصاحف"، من طريق ابن سيرين قال: قال علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه- لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم آليت أن لا آخذ علي ردائي إلا الصلاة جماعة، حتى أجمع القرآن. فجمعه.
قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله تعالى-: هذا الأثر ضعيف لانقطاعه، وبتقدير صحته، فمراده بجمعه: حفظه في صدره.
قلت: والحمل على جمعه في الصدر، ينافيه ما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصاحف" عن ابن سيرين، وفيه أنه كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ. وأن ابن سيرين قال: فطلبت ذلك الكتاب، وكتبت فيه إلى المدينة، فلم أقدر عليه.
فالجواب: أن جمع سيدنا علي- كرم الله وجهه- جمع خاص له ولأهل العلم مثله، وهو أنه جمع القرآن وضم إليه تفسير آياته، والناسخ والمنسوخ منها، فصار نفعه خاصا بأهل العلم، بخلاف جمع سيدنا أبي بكر، بأنه أول ما جمعه جمعا عاما يتداوله كل أحد، ويقرؤه ويتعلم منه الصغير والكبير.
فكان الجمع للخاف مبتدأ من أبي بكر رضي الله عنه؛ ويدل لهذا الذي ذكرته، ما أخرجه ابن أبي داود في المصاحف بسند حسن، عن عبد خير قال: سمعت