للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإيمان بالشفاعة]

قال: والإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.

الشفاعة في اللغة: ضم الوتر للوتر فيكون شفعاً، أو ضم الواحد إلى الواحد فيكون شفعاً.

أما الشفاعة في الشرع فهي: التوسط للغير بجلب منفعة، أو دفع مضرة، وهذه الشفاعة جاء القرآن فأثبتها ونفاها، فالشفاعة التي نفاها الله جل وعلا هي عن أهل الكفر، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ} [البقرة:٢٥٤] فهذه شفاعة منفية.

وقال عن الكافرين: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء:١٠٠ - ١٠١] فهذه الشفاعة المنفية عن الكفار.

أما الشفاعة المثبتة فقد قيدها الله جل وعلا بقيدين وشرطين مهمين: الشرط الأول: الرضا عن المشفوع والإذن للشافع، قال الله تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:٢٨].

وقال جل وعلا: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة:٢٥٥].

والشفاعة على ستة أنواع: ثلاثة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، والباقية يشترك فيها الملائكة والأنبياء والمؤمنون.

أما الثلاثة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فهي: الأولى: الشفاعة العظمى في عرصات القيامة: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:٢]، يأتي كل البشر -مما يجدونه من الكرب والرعب والشدة والرهبة- فيذهبون إلى كل نبي، فآدم يبعثهم إلى نوح، وكل نبي يرسلهم إلى من بعده، حتى تصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: (أنا لها أنا لها، فيذهب فيسجد عند العرش فيلهمه الله بمحامد تعلمها عند سجوده عند العرش، ثم يقال: يا محمد ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، فيشفع في أن يحكم الله بين العباد).

والشفاعة الثانية الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم هي شفاعته في دخول أهل الجنة الجنة، إذ لا يمكن لأحد أن يدخل الجنة إلا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، والملك الذي يقف ببابها يقول: (ما أمرت أن أفتح إلا لك).

والشفاعة الثالثة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم شفاعته في أهل الكفر، مع أنها شفاعة منفية، لكن هذه خصيصة للنبي صلى الله عليه وسلم، فيشفع في عمه أن يكون في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه، ويظن أنه أشد الناس عذاباً يوم القيامة وهو أخفهم عذاباً.

والشفاعة الرابعة: الشفاعة في أهل الكبائر ألا يدخلوا النار، وهذه الشفاعة وما بعدها يشترك فيها الأنبياء والملائكة والمؤمنون.

والشفاعة الخامسة: الشفاعة فيمن دخلوا النار وأصبحوا حمماً أن يخرجوا منها.

والشفاعة السادسة: رفع درجات المؤمنين من درجة إلى درجة.

جعلنا الله منهم.