[التأويل عند الأصوليين]
المعنى الثالث عند أهل السنة والجماعة من معاني التأويل، وهو المعروف عند الأصوليين: صرف اللفظ عن ظاهره بقرينة تثبت هذا الصرف.
يعني: صرف اللفظ من الراجح إلى المرجوح بقرينة أو بدليل يثبت أن المراد من هذه الآية أو من هذا الحديث هذا اللفظ المرجوح.
كأن نقول: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائماً.
فظاهر النهي التحريم، وهذا الأصل.
فإذا جاءت قرينة فصرفت النهي من التحريم إلى الكراهة سمي هذا تأويلاً.
أي: تأويل من ظاهر النص الراجح إلى المرجوح.
وهذا التأويل لا بد أن يكون له مسوغ في اللغة، وله قرينة من الشرع.
فإذاً التفسير الثالث للتأويل هو: صرف اللفظ عن ظاهره الراجح إلى المرجوح بقرينة، يعني: من الحقيقة إلى المجاز مثل قول الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم:٤٢]، فالساق هنا لم تضف إلى الله، فلا تستطيع أن تقول: إن الساق المراد بها هنا: ساق الله جل وعلا.
إلا أن تأتي قرينة تثبت أن الساق ساق الله جل وعلا.
وقد ورد عن ابن عباس أثر في ذلك وفيه ضعف.
والغرض المقصود من ذلك أنه قال: ((يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ))، يعني: هل من الموقف على الصراط أو من موقف يوم القيامة؟ وفي اللغة مسوغ لذلك، فإنهم يقولون: اشتدت ساق الحرب، يعني: حمي الوطيس وهول الحرب، فهذا المسوغ قد أصبح ظاهراً.
إذاً: فهذا له مسوغ من اللغة.
والصحيح: أن الساق المذكورة هنا هي: ساق الله جل وعلا؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، والغرض المقصود: أنه من الممكن أن يئول اللفظ الظاهر بالقرينة، يعني: من الحقيقة إلى المجاز.
هذا القسم الأول، وهو التأويل الصحيح.