[معنى قول السلف: القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود]
قال:(القرآن كلام الله غير مخلوق)؛ لأن الكلام غير الخلق فالكلام صفة لا تقوم بذاتها، أما المخلوق فيقوم بذاته، فالمضاف إلى الله نوعان: النوع الأول: إضافة صفة إلى موصوف، وهو ما لا يقوم بذاته، وهذا غير مخلوق كالكلام وكالرحمة وكالنعمة وكالكرم، فهل نعمة الله تقوم بذاتها وتراها تمشي وتسير وتأمر وتنهى؟ لا.
النوع الثاني: مضاف إلى الله يقوم بذاته فهذا مخلوق، مثل عيسى روح الله، فعيسى عليه السلام رآه الناس أمامهم يدعوهم إلى الله جل وعلا، وهو قائم بذاته، والأوضح من ذلك: الكعبة بيت الله، فهذا إضافة شيء قائم بذاته منفصل عن الله جل وعلا، من باب إضافة المخلوق إلى الخالق، أما الشيء المعنوي الذي لا يقوم بذاته فهو غير مخلوق؛ لأنه إضافة صفة إلى موصوف.
وقال الله تعالى:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ}[الأعراف:٥٤]، وواو العطف -في الأصل- للمغايرة، فيكون الخلق غير الأمر، والأمر هو الكلام، والخلق هو أثر الفعل المترتب عليه، يقول الله جل وعلا:{كُنْ فَيَكُونُ}[البقرة:١١٧]، المكون هذا هو المخلوق، وأثر كلمة (كن) غير مخلوق.
(منه بدأ) أي: الله جل وعلا هو الذي ابتدأ الكلام، وهذه صفة أزلية أبدية قديمة.
(وإليه يعود) هذه إشارة إلى علامات الساعة، وأن الله جل وعلا يوم القيامة يقبض القرآن من الصدور ومن السطور يقبضه من الصدور بقبض الحفظة، ومن السطور من المصاحف، فلا يبقى على وجه الأرض مصحف فيه ذكر الله جل وعلا، بل لا يبقى واحد يقول: الله الله، ولن تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، وتهدم أيضاً الكعبة، نسأل الله العفو والعافية.