القول الثالث: التفصيل في ذلك -وهو الحق الذي لابد أن يظهر- وهو أن أهل الفترة معذورون في الدنيا ممتحنون أو مكلفون في الآخرة، والدليل على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم في مسند أحمد وغيره:(أربع يحتجون على الله جل وعلا يوم القيامة: أصم يقول: رب: أتاني رسولك ولم أسمع شيئاً, وأحمق -يعني مجنون- يقول: رب! أتاني رسولك وكنت لا أعقل شيئاً، والأطفال يحذفونني بالعبر, وهرم يأتي يوم القيامة فيقول: رب! أتاني رسولك وما كنت أعقل شيئاً, والرابع: أهل الفترة -وهم فتر عنهم الوحي- وهؤلاء يحتجون أمام الله جل وعلا فيقولون: لم يأتنا رسول، ولم تأتنا دعوة، فيمتحنهم الله جل وعلا فيأمرهم بدخول النار) ومحل الشاهد: فيمتحنهم الله جل وعلا بدخولهم النار، وهنا يأتي القدر، فالذين قد كتب الله في سابق علمه أنهم يسمعون ويطيعون يأمرهم الله جل وعلا أن ينزلوا إلى النار, فإذا نزلوا إلى النار كانت برداً وسلاماً, والذين علم الله أنهم لا يطيعون بل يعصون الله لا ينزلون النار، فيعاقبهم الله بإدخالهم جهنم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:(الله أعلم بما كانوا عاملين) , فالله يعلم بهم سابقاً هل سيطيعون أم سيعصون؟ والذين في علم الله السابق أنهم يعصون يقولون: نحن نفر من النار أفندخلها؟ فيلقون فيها؛ لأنهم عصوا أمر الله جل وعلا.
فهذا الحديث قاطع للنزاع في أن هؤلاء يمتحنون يوم القيامة.