للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأقوال في مسألة النبوة والرسالة]

النبوة غير مكتسبة، لكن الفلاسفة زعمت بأن النبوة مكتسبة، أي: يمكن للإنسان أن يتزهد وأن يصوم النهار ويقوم الليل، ثم يخلو بربه الساعات الطوال ويترك الدنيا وما فيها وما عليها، وبذلك يأتيه جبريل فيوحي إليه بوحي على زعم الفلاسفة في كون النبوة مكتسبة.

وهذا كلام باطل، بل هو أقرب إلى الكفر منه إلى الإيمان، بل النبوة منة ومحض فضل ورحمة من الله جل وعلا، قال عز وجل: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج:٧٥] وقال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} [يوسف:٦] ولما قالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} [الأنعام:١٢٤]، ردّ الله عليهم: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام:١٢٤]، وقال الله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ} [مريم:٥٨].

يعني: النبوة هي محض رحمة ونعمة من الله جل وعلا، قال عز وجل: {وَمَا كُنتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [القصص:٨٦] أي: هي رحمة من الله جل وعلا، لا مكتسبة.

وإذا كانت النبوة محض فضل، فهل يمكن أن يضعها الله في أي أحد؟ حاشا لله، بل هي نابعة عن علم وحكمة، فقد اختار الله إبراهيم ليكون أبا الأنبياء على حكمة وعلم، واختار الله جل وعلا النبي محمداً صلى الله عليه وسلم أيضاً بحكمة وبعلم.