أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: افتتح المصنف الكتاب الثامن فقال: سياق ما روي في أن السحر له حقيقة.
وهذا تصنيف بديع؛ فبعدما تكلم عن علم الغيب تكلم على ما يشتبه بين الغيب وغيره، وتكلم عن السحر، ثم ثنى بالكلام عن إبليس وجنود إبليس والصرع واللبس؛ لأن كثيراً من الذين يتنطعون الآن ويتملقون يقولون: ليس هناك شيء اسمه تلبس ولا صرع، فلا يدخل الجان في الإنسان.
السحر، لغة: كل ما لطف سببه وخفي ودق، فمادة السحر مشتقة من كل ما دق وخفي سببه؛ ولذلك سمي السحر سحراً؛ لأن فيه خفاء، فلا يأتي السحر إلا في آخر الليل.
وأما شرعاً: فهو الرقى والتمائم والعزائم والعقد التي يتأثر بها المسحور، ويؤثر بها الساحر بالاستعانة بالشياطين، قال الله تعالى:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ}[البقرة:١٠٢].