[ذكر الراجح في مسألة المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر]
والترجيح حقاً لا يخرج عن توضيح شيخ الإسلام.
قال شيخ الإسلام: أما الملائكة فهم أفضل باعتبار البداية، فالملائكة يسبحون ويحمدون ولا يعصون الله ما أمرهم، فمنهم: الذاكر، ومنهم: المسبح، ومنهم: الراكع، ومنهم: الساجد، ومنهم: الموكل بأمر لا يمكن أن يعصي الله جل وعلا فيه بحال من الأحوال، فهذا حقاً أكمل المراتب.
بل أنت عندما تخلو بربك فتدمع عينك وتبكي رقة من الله جلا وعلا، وتذوق حلاوة الإيمان تقول: لا أحد مثلي في هذه الدنيا، أنا في جنة ما دخلها أحد.
فالملائكة هم في هذه الحال طيلة هذه الحياة، فالملائكة أفضل باعتبار البداية؛ لأنهم على أكمل المراتب في هذه الحياة.
أما في الآخرة: فالبشر أفضل من الملائكة؛ إذ إنهم عند دخولهم الجنة يكونون أرقى بكثير من الملائكة، ويزدادون قربة من الله، وينظرون إلى وجهه سبحانه، ويتمتعون بما في الجنة، وخدم أهل الجنة هم الملائكة، فهذه دلالة على أنهم أرقى عند الدخول.
فيكون الترجيح هو اعتبار البداية واعتبار النهاية: فالملائكة أفضل باعتبار البداية، وصالحو البشر أفضل باعتبار النهاية، وبهذا تتآلف الأدلة وتجتمع ويحصل الجمع بين القولين.
والملائكة الذين في السماء الأولى ليسوا بنفس درجة الذين في السماء الثانية، والذين في الثالثة ليسوا بدرجة الذين في الثانية، بل هم أعلى منهم وأرقى، فتتفاوت مراتب الملائكة، وأرقى الخلق من الملائكة عند الله جل وعلا هو جبريل، وميكائيل، وإسرافيل.
والملائكة يلهمون هذا، لكن نقول: هذا الإلهام فيه علو الدرجات وفيه قرب كبير من الله جل وعلا، وشعور بحلاوة الإيمان عندما يسبحون الله، ويذكرونه جل وعلا.