أهل البدع أولوا في هذه الصفة، قال اللالكائي: أولوا (استوى) باستولى، وهناك فرقتان من أهل البدع أولوا هذه الصفة.
الفرقة الأولى: الجهمية المعطلة، وهؤلاء هم نفاة الصفات.
فينفون الاسم والصفة.
وقد انتحلوا مذهب الحلولية، فنفوا أن يكون الله جل وعلا على عرشه، وقالوا: هو في كل مكان.
أي: معي ومعك ومع الآخر، ومع هذا في بيته، ومع الآخر في متجره، وهنا في هذه البلدة مع الناس، ومعهم في فلسطين، ومعهم في مصر، ومعهم في أي ناحية من هذه الأمصار.
وقالوا: إن الله جل وعلا في كل مكان.
وقالوا: عندنا في ذلك الأدلة القوية التي تثبت هذا.
قالوا: وهذه الأدلة: أولاً من الكتاب: قال الله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ}[الأنعام:٣].
واستدلوا أيضاً بقول الله تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة:١٨٦].
وأما من السنة فقالوا: جاء في الحديث القدسي قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)، ثم قال في الحديث:(وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها)، قالوا: فهذه دلالة على أن الله جل وعلا معه بسمعه وبصره ويده التي يبطش بها، فأولوا هذا الحديث على الحلول والعياذ بالله، هؤلاء هم الجهمية المعطلة الذين نفوا علو الله على العرش، وقالوا: إن الله جل وعلا في كل مكان.
وقبل أن نرد عليهم نقعد قواعد مهمة جداً لطلبة العلم، نسير على هذه القواعد لنصد أي بدعة وأي تحريف أو تأويل.