للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذاهب أهل السنة في رؤية المؤمنين لربهم]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أما بعد: فإن الناس قد انقسموا في رؤية المؤمنين لربهم على أقوال ثلاثة: القول الأول: إن المؤمنين يرى الله في الدنيا والآخرة، وإلى ذلك ذهب أهل الوجد والتصوف وأهل التخييل والخيالات، كـ ابن عربي وغيره.

القول الثاني: إن الله لا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة، وإليه ذهب المعطلة الجهمية.

والقول الثالث: وهو الوسط بين الطرفين، وهو قول أهل السنة والجماعة وسلف الأمة، الذين قالوا برؤية الله جل وعلا في الآخرة دون الدنيا.

الطائفة الأولى الذين قالوا: إن الله يرى في الدنيا والآخرة يرد عليهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم كما في مسلم: (إنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت) ففي هذا دلالة على أن الله جل وعلا لا يرى في الدنيا، وقال الله تعالى جواباً لأحب الخلق إليه في ذلك الوقت وهو موسى عليه السلام وذلك عندما سأل الله جل وعلا رؤيته: {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:١٤٣].

فإذاً النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت) وحتى هنا للغاية، أي: أنه بعد البعث يمكن أن يرى ربه جل وعلا.