للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعديل النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه في سنته]

لقد عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ونشر فضائلهم في سنته، ومن أعظم ما خشي منه هو سب أصحابه؛ شكراً لجميلهم، وقد شكرهم الله في كتابه، كما شكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على حسن صنيعهم في سنته، ففي الصحيحين يبين النبي صلى الله عليه وسلم أنهم حصن لهذه الأمة، قدوات لها، فبجهادهم تؤتى الأمة ما وعدت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (النجوم أمنة السماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي -يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم- فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي) -أي: أصحاب رسول الله هم الوقاية لهذه الأمة من الفتن والملمات، فقال رسول الله: (وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما توعد).

ولذلك كان المسمار الذي كسر النعش بالكلية هو قتل عمر، قال حذيفة في الصحيح لـ عمر بن الخطاب لما سأله عن الفتن: فتنة الرجل في أهله وماله تكفرها الصلاة والزكاة، فقال: ليس عن هذا أسأل، أسأل عن الفتن التي تموج كموج البحر، قال: مالك ولها يا أمير المؤمنين! بينك وبينها باب، فقال عمر: يا حذيفة! أيفتح الباب أم يكسر؟! فقال حذيفة: لا يا أمير المؤمنين! بل يكسر، فقام عمر وقال: إذاً لن يقام ثانية! ومعنى: (لن يقام ثانية) أي: ستصبح الأمة في فتن إلى يوم القيامة، وهذا هو الذي حدث، فلما حدث حذيفة بهذا الحديث، قالوا له: أعلم عمر من الباب؟ قال: والله! إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط، وقد علم عمر من الباب -أي: هو رضي الله عنه- فلما قتل عمر أقبلت الفتن تترا، فقتل عثمان، ثم جاء علي فظهرت رءوس الزندقة في خلافته، وجاءت الفتن بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنا لله وإنا إليه راجعون، فنستغفر الله مما حدث، ونترحم عليهم، ونترضى عنهم، ونقول: رب! هؤلاء هم الأخيار، ربنا! اغفر لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، اللهم! حقق دعاءنا يا رب العالمين، وألحقنا بصحابة نبيك الكريم، واجعلنا معهم في الفردوس الأعلى يا رب العالمين.

ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته كثيراً من سب صحابته الكرام، أو التجرؤ عليهم، فقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (لا تسبوا أصحابي) ثم قال: (لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)، والمد: هو قدر كف اليد، ومعنى الحديث: لو أتيتم بجبال من ذهب فتصدقتم بها، والصحابة جاء أحدهم بكف اليد من بر لا من ذهب فأنفقه فهو عند الله أفضل من هذه الجبال من الذهب.

وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على حب أصحابه فقال: (الله! الله! في أصحابي)، يوصي الأمة بصحابته خيراً.

والمتمتعون الرافضة يسبون عائشة، وأبا بكر وعمر علناً والعياذ بالله، ولا أحد يتصدى لهذا المنكر! وسنبين أن هذا من واجب الأمة بأسرها، أي: أن لا تسكت عن هذا الطعن في أبي بكر وعمر سيدا هذه الأمة.