مما يرد عليهم عقلاً أن الذي يدعي حب الله ثم يسب الله فإننا نكذبه مع أن الذي في قلبه لم يظهر عليه في الخارج، ولقلنا له: لو كنت تحب الله حقاً لاتبعت شرعه، ولو كنت تحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حقاً لاتبعت سنته.
ومن الأدلة أيضاً أن الآية صرحت بأن الصلاة إيمان فقال تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة:١٤٣]، فإنه باتفاق المفسرين أن المعنى: وما كان الله ليضيع صلاتكم إلى بيت المقدس، ويدل عليه حديث:(فمن تركها فقد كفر)، فسلب الإيمان بترك عمل من أعمال الجوارح، وهو الصلاة، وسماها الله إيماناً، بل جعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم حداً فاصلاً بين أهل الإيمان وأهل الكفر.
ومن الأدلة أيضاً قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(الحياء شعبة من شعب الإيمان) فالحياء هنا عمل قلبي، وسماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الإيمان، وإماطة الأذى سماها النبي صلى الله عليه وآله وسلم شعبة من شعب الإيمان، فهذه دلالة على أن هذه الأعمال من الإيمان لا تخرج عنه، فإذا اعتقدنا هذا الاعتقاد الصحيح فلابد أن نرد على أهل البدع الذين يقولون: إن الأعمال ليست من الإيمان.
فنقول: فساد هذا القول تعرفه من لازمه، إذ لازم هذا القول أن كل تارك للصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، والجهاد في سبيل الله، والذكر، وتلاوة القرآن، مؤمن كامل الإيمان، بل إيمانه مثل إيمان أبي بكر الذي كان يقوم الليل، ويصوم النهار، وينفق ماله للدعوة في سبيل الله، بل إيمانه إيمان جبريل!