العبد الولي عبد موفق مسدد مثبت مبشر، له بشريات في الدنيا وفي الآخرة، أما بشرياته في الدنيا فقد جاءت بأسانيد صحيحة مذكورة عند تفسير قول الله تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى}[يونس:٦٣ - ٦٤]، فورد في الآثار بالأسانيد الصحيحة أن البشرى هي الرؤيا الصالحة، يراها الولي أو ترى له، هذه أول بشريات الولي في الدنيا، أنه يرى رؤيا صالحة، أو ترى له، وهذه البشرى جزء من أجزاء النبوة، وهي التي بقيت من الوحي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الرؤيا الصالحة جزء من ست وأربعين جزءاً من النبوة).
وقيل: البشرى أن الله جل وعلا يبشره ببعث الملائكة عند قبض روحه لمكانته في الجنة كما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ}[فصلت:٣٠]، فيبشرونهم بالجنة عند قبض الأرواح، والبشارة في الآخرة أن الله جل وعلا يفتح له المجال، ويعرفه ويهديه إلى مكانه في الجنة، فيكون أشد معرفة له من معرفته لبيته في الدنيا، فهذه من بشريات الولي في الدنيا ثم في الآخرة، قال تعالى:{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}[يونس:٦٤]، وقال تعالى:{وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة:٦٢].
أيضاً هو مسدد مثبت، قال الله تعالى:(إن أحببته)، يعني: الولي الذي ارتقى المرتقى الرفيع فوصل إلى درجة المحبوبية، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:(قال الله تعالى: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله في قبض روح المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته).
فهذا حديث عظيم يبين أن الولي مسدد مثبت من عند الله جل وعلا، لا يذكر إلا ما يرضي الله جل وعلا، ولا يسمع إلا ما يرضي الله جل وعلا، وإذا بطش لا يبطش إلا بقوة الله، قال تعالى:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}[الأنفال:١٧].
ومن البشريات أيضاً أن الله جل وعلا يظهر فضله في الدنيا، ويظهر مكانته أمام الصالحين، بكرامة تظهر على يديه، علمها أو لم يعلمها، وهذه من البشريات التي تثبت أن هذا الرجل له منزلة عند الله جل وعلا، وأنه ولي من أولياء الله الصالحين، وهي الكرامة.