سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وأرضاه أسد الله وأسد رسوله، قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:(حمزة سيد الشهداء)، دخل حمزة على فرعون هذه الأمة وسمع أنه قد سب رسول الله وما كان قد آمن، لكن للحمية صفعه حتى شج رأسه، وكان حمزة من القوة بمكان، وقال: أما تعلم أنني على دين محمد صلى الله عليه وسلم؟! نصر الله به الدين، كان في غزوة بدر يضع ريشة نعام تفرق بينه وبين الذين يقاتلون، فقال أبو سفيان: من الذي كان يضعها، فقد فعل بنا ما لا يفعل غيره؟! وهو حمزة رضي الله عنه وأرضاه، وما كان أحد يجابه حمزة، حتى وحشي ما قتل حمزة إلا غدراً، ولذلك ما أحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرى وجه وحشي، فبعدما أسلم قال له رسول صلى الله عليه وسلم:(قص علي كيف قتلت حمزة)، فذكر له أنه اختبأ خلف صخرة حتى طعنه برمحه، وذكر أن حمزة لقي رجلاً من المشركين فقال له حمزة: تعال إلي يا ابن مقطعة البظور؛ لينتهك حرمته، ويبين قلة قدره، قال: فضربه حمزة فكان كأمس الدابر يعني: كالليلة البارحة، قال: وعندما ضربته برمحي اقترب مني فضمني حتى وجدت منه ريح الموت، فلما قص ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم شق عليه أيما مشقة فقال:(لا تريني وجهك) أو كما قال صلى الله عليه وسلم، والحمد لله وحشي أسلم بفضل الله جل وعلا، وهو الذي قتل مسيلمة، طعنه بالحربة وقال: هذه بتلك، لكن أي حربة تعدل بقتل حمزة رضي الله عنه وأرضاه، وقد قيل: إنه مات مخموراً، فقال عمر: قد علمت أن الذي قتل حمزة لا يسلم من شر، والله أعلم بهذه القصة، لكن نقول: هو أسلم، ويصدق عليه حديث:(يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، يقتل الكافر المسلم، ثم يتوب الله على القاتل فيسلم، فيدخلان الجنة).
والضحك صفة يتصف الله بها، فنثبتها من غير تعطيل ولا تشبيه، فضحك الله غير ضحك البشر، قال الله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١].
وقد جاء في حديث آخر إثبات ضحك الله جل وعلا، وهو:(قيل: يا رسول الله! ما يضحك الرب عز وجل؟ فقال: أن تقتل مقبلاً غير مدبر، فقال رجل: أيضحك ربنا من هذا؟ قال: نعم، قال: إذاً: لن نعدم خيراً من رب يضحك) انظروا إلى الفقه، يعني إذا كان الله يضحك فسيضحك لنا ويجعلنا من الشهداء، فالرجل صدق بصفة الضحك وقال:(أيضحك ربنا؟ قال: نعم، قال: إذاً: لن نعدم خيراً من رب يضحك، فخلع درعه وأقبل على العدو فقاتل حتى قتل شهيداً).
فالله يضحك في الجهاد وأيضاً في جهاد النفس، ففي الحديث الذي معناه:(يضحك الله من الرجل الذي غلبته عينه يريد أن ينام ويقول: لا راحة لي في النوم إلا أن أقوم أناجي ربي).
الغرض المقصود أن لله صفة الضحك، وهذه صفة فعلية إن شاء ضحك وإن شاء لم يضحك، وهي صفة ثبوتية، ومثلها صفة العجب، قال الله:{بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ}[الصافات:١٢] على القراءة الأخرى (عجبتُ) يعني: عجب الله.