[الإيمان بخروج الدجال وقتل عيسى بن مريم له في آخر الزمان]
قال: والإيمان بأن المسيح الدجال مكتوب بين عينيه كافر.
أيضاً من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة الإيمان بـ المسيح الدجال وأنه موجود محبوس، خلافاً لبعض المعاصرين، ومنهم الفقيه الذي قل في الناس من وصل لفقهه، وهو الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، فهو يرد حديث مسلم الذي فيه أن المسيح الدجال موجود الآن، فيقول: نعتقد أن المسيح الدجال سيخرج وهو أشد فتنة وأشر فتنة، لكن لا يؤمن أنه موجود الآن، لكن نقول فيه كما قيل من قبل: شيخ الإسلام حبيب إلينا والحق أحب إلينا منه.
فالحديث ثابت في صحيح مسلم من حديث تميم الداري الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (حدثني تميم الداري بحديث أعجبني) وفيه بيان أنه موجود الآن ومحبوس بسلاسل وسيخرج، والمسيح الدجال أشد وأشر فتنة وأشر غائب ينتظر، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أمره وهو على المنبر، واحمر وجهه وانتفخت أوداجه حتى إن الصحابة من خوفهم ظنوا أنه خلف الشجرة، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رعبهم قال: (إن خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه، فإن لم أكن فيكم فالله خليفتي على كل مسلم)، ثم وصفه وصفاً دقيقاً فقال صلى الله عليه وسلم: (هو أعور وربكم ليس بأعور، كأن عينه عنبة طافية) وبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجوب الأرض شمالاً وجنوباً، وشرقاً وغرباً.
فيقول للسماء: أمطري فتمطر، ويذهب إلى الخربة فيقول: أخرجي كنوزك فتخرج، ويأتيه الرجل فيقول له: أؤمن بك إذا أخرجت أبي وأمي، فينادي أباه وأمه من القبر فيخرجان، وهما لا يخرجان حقيقة وإنما يتمثل بعض الجن في صورتهما لفتنة الناس، ولن يستشرفه أحد إلا فتنه، إلا رجل ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه خير الشباب في ذلك الوقت بعلمه وبصيرته يقول: أنت الدجال الذي وصفك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذرنا منه، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أمياً ما كان يقرأ ولا يكتب ولكن وصفه وصفاً دقيقاً فقال: (مكتوب بين عينيه (ك ف ر) يقرؤها الأمي والقارئ).
فحين يقول هذا الرجل الصالح هذا الكلام يقوم الدجال فيشقه ويمشي بين نصفيه، فيقول: أرأيتم لو أحييته تؤمنون بي؟ فيقولون: نعم.
فينادي عليه فيقوم؛ فتنة لهؤلاء، والله يعلم من يصلح للفتنة فيوقعه فيها، والله عليم حكيم، ثم يقوم الرجل بعلمه ودقة نظره فيقول: أنت الدجال، والله ما ازددت فيك إلا بصيرة فلا يسلط عليه بعد ذلك؛ لأن الله جل وعلا حباه القدرة على أن يفعل ذلك الفعل مرة واحدة ولا يكرره فإذا ضربه بالسيف وضعت حلقة على رقبته فلا يقوى عليه.
وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم منه، ونسأل الله جل وعلا ألا نعيش حتى ندركه؛ لأنه شر غائب ينتظر.
ويبين النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أن عيسى ينزل فيقتله.
والعجيب أن أهل الكتاب من يهود ونصارى، وأهل الإسلام كل منهم ينتظر المسيح، أما أهل الإسلام فينتظرون مسيح الهدى عيسى عليه الصلاة والسلام، الذي ينزل فيكسر الصليب ولا يقبل من النصارى الجزية بل الإسلام أو القتل، ويقتل الخنزير.
وأما اليهود فينتظرون المسيح الذي بشر به موسى، فهم اتهموا مريم وأرادوا قتل عيسى، فهم ينتظرون المسيح الذي بشر به موسى عليه الصلاة والسلام، أما النصارى فهم ينتظرون عيسى الذي هو ربهم، والعياذ بالله.
المهم أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن عيسى عليه الصلاة والسلام سينزل على جناحي ملكين، وإذا بالناس قد اصطفوا للصلاة خلف المهدي، فإذا رأى المهدي عيسى عليه السلام تراجع إلى الخلف حتى يصلي عيسى بالناس -فهو نبي من أولي العزم من الرسل- فيقول: عيسى، إمامكم منكم، وهذا من تكريم الله لهذه الأمة، اللهم لك الحمد والشكر.
اللهم اجعلنا من خيار هذه الأمة يا رب العالمين.
فيطارد عيسى عليه الصلاة والسلام الدجال حتى يدركه عند باب لد فيقتله، وتبقى معه الفئة المؤمنة كما سنفصل بعد ذلك في أشراط الساعة.