[الدلائل من الكتاب والسنة والعقل على ذم البدعة وأهلها]
والبدعة مذمومة شرعاً وعقلاً، أما شرعاً فقد قال الله تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى}[القصص:٥٠]، وقال جل وعلا:{وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}[ص:٢٦]، وقال جل وعلا في سياق ذم النصارى:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}[الحديد:٢٧]، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في ديننا هذا ماليس منه فهو رد) من أحدث أي: ابتدع واخترع فهو باطل مردود على وجهه، وفي رواية أخرى قال:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وأيضاً في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من رغب عن سنتي -يعني: ابتدع غير سننتي - فليس مني)، فقد تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، وفي السنن أيضاً عن علي قال:(لعن الله من غير منار الأرض، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثاً)، فإن كان الذي يؤوي المحدث المبتدع ملعوناً، فما بالكم بالذي يبتدع في دين الله جل وعلا؟ والآثار في ذلك كثيرة، وأيضاً عن العرباض بن سارية كما في مسند أحمد وفي السنن أنه قال:(وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة)، وأيضاً في خطبة الحاجة ما كان يتقدم النبي صلى الله عليه وسلم في كلامه شيئاً إلا ويقول:(إن الحمد لله -إلى آخر ما يقول- وإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة -وفي رواية عند النسائي قال:- وكل ضلالة في النار) يعني: البدعة ليس منها حسنة ومنها سيئة، بل كل البدع ضلالة، كما ورد بسند صحيح رواه الدارمي وغيره عن ابن عمر أنه قال: كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم، وقد دخل على أناس يسبحون بالحصى يقول الرجل: كبروا مائة سبحوا مائة هللوا مائة فدخل ابن مسعود وهم يذكرون الله جل وعلا على هيئة حلق، ولا يقولون شيئاً فيه تخاريف، ولا فيه شرك، بل أقوال فيها تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير، فقال ابن مسعود مندهشاً مما يفعلون: أما أنكم على ملة أهدى من ملة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أنكم مفتتحو باب ضلالة.
لأنكم أتيتم بعبادة لم يأت بها النبي صلى الله عليه وسلم، وأتيتم بعبادة لم يأت بها الصحابة الكرام، ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه فقال: أوصني.
قال: أوصيك بتقوى الله، والسمع والطاعة، واتبع ولا تبتدع.
ولذلك قال ابن المسيب: من أحيا بدعة فقد أمات سنة، فالذي يحيي البدع، هو الذي يميت السنن، فالدين كله يهدم بالبدع.
وقال بعضهم: إني أرجو أن أدخل المسجد فأجده يشتعل ناراً خير لي من أن أجد فيه بدعة، فانظروا إلى حرص السلف على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وحرصهم على سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الثوري: البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية، فإن المعصية يتوب المرء منها، وإن البدعة لا يتوب المرء منها، والآثار في ذلك كثيرة.