للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما وقع من سحر النبي صلى الله عليه وسلم فيه بلاء واختبار لصدق أهل الإيمان]

ثالثاً: في سحر النبي صلى الله عليه وسلم بلاء واختبار وتمحيص لإظهار أهل الدين، هل يصدقون ربهم أم لا؟ وقلوبهم هل استقر فيها الإيمان بحق أم لا؟ إذ إن الله جل وعلا يختبر القلوب، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:١١٩]، والله جل وعلا ليختبر صدق المرء ينزل عليه البلايا والفتن تترى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء:١٢٢].

إن مما يتلى على الناس ليل نهار، قول الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:٣ - ٤]، فعندما يسحر النبي صلى الله عليه وسلم تفتتن القلوب كما حدث للأغرار الأغمار من المعتزلة وأهل البدعة والذين ينفخون في أبواق المعتزلة في هذه العصور، يفتتنون بذلك ويقول قائلهم: رسول معصوم كيف يسحر؟ فنجيبهم: هو عبد لله جل وعلا ويسحر، فيفتن الله جل وعلا الناس ليغربلهم.

ولذلك قال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء:٣٥] فهو فتنة، {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأنفال:٣٧]، فيرتقي الطيب عنده وينزل الخبيث في صفوف المنافقين في الدرك الأسفل من النار.

فالثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سحر، وهذه بعض الحكم التي أدركناها.

وما خفي كان أعظم وأعظم وأعظم، إذ إن حكم الله لا يكون لها عد، ولكل شيء فعله الله حكمة بليغة، لكن يوصل الله لها من يشاء من عباده.