إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ما زلنا مع هذا الكتاب العظيم، كتاب شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، للعلامة اللالكائي، وقد انتهينا في الدرس الماضي من الكلام عن الغيبيات، وتكلمنا عن الدجال، وعن اختلاف العلماء في تفضيل بني البشر على الملائكة، واليوم إن شاء الله سيكون الكلام عن سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في طاعة الأئمة والأمراء ومنع الخروج عليهم، ثم نختمها بالكلام على الطائفة المبتدعة وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج.
اختلف العلماء في ولاة الأمور هل هم الأمراء أم العلماء؟ على قولين، والصحيح الراجح: أن الأمراء والعلماء هم ولاة الأمور؛ لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء:٥٩]، فهذه خاصة بالأمراء أو السلاطين، والآية الأخرى تدل على أن ولاة الأمور هم العلماء، قال الله تعالى:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}[النساء:٨٣].
فالاستنباط هو من خصائص العلماء، فدل ذلك على أن الأمراء هم العلماء، والسلاطين: هم الذين لهم الحكم بالقوة والملك، والعلماء: لهم الحكم بالحجة والبيان.