نأتي إلى المبحث المهم وهو: أول شيء القبر الميت هو القبضة التي تختلف منها الأضلاع ولا يستثنى من ذلك أحد، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم بين وأشفق على عبد صالح اهتز عرش الرحمن لموته وهو سعد بن معاذ كما ورد في بعض الأحاديث وصححه بعض العلماء:(إن العرش اهتز فرحاً بقدوم سعد بن معاذ) فعن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن للقبر ضمة إذا نجا منها أحد نجا سعد بن معاذ) رواه أحمد في مسنده، وصححه بعض العلماء، يعني: هذه الضمة لا ينجو منها أحد، ولو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ، وفي حديث آخر فيه ضعف (أن النبي صلى الله عليه وسلم شاهد طفلاً يقبر فأشفق عليه من ضمة القبر).
قال بعض العلماء الأفاضل: إن هذه الضمة بالنسبة للمؤمن كضمة الأم الحنون لابنها عطفاً عليه، وهذا بعيد، إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم أشفق على سعد وقال:(لو نجا منها أحد -أي الضمة التي تختلف منها الأضلاع- لنجا سعد بن معاذ) رضي الله عنه وأرضاه، وما الذي يجعل النبي صلى الله عليه وسلم يشفق على طفل كما روي ما دامت ضمة الأرض له كضمة الأم الحنون؟! بل هي ضمة فيها آلام لكنها تتفاوت في القوة بين المؤمن الخالص وبين الفاسق وبين المسلم وبين الكافر، فالكافر تتمزق وتختلف أضلاعه، فأول ما يحدث له عند نزول القبر هو هذه الضمة.