للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إطلاق الكفر العملي على المعاصي]

ثم قال: نرويها كما جاءت ولا نفسرها مثل: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض).

ومثل: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار).

ومثل: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر).

ومثل: (من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما).

ومثل: (كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق).

قال الإمام أحمد: هذه الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم به، وإن لم يعلم تفسيره، ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه.

فهل نمرر هذه الأحاديث أم ننظر فيها وندقق النظر؟ وكيف يكون التدقيق؟ أولاً هذه الأحاديث من المتشابه فتحتاج إلى أن ترد إلى المحكم.

فلو جاءك من يقول: قاتل المؤمن كافر، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر).

وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء:٩٣]، والخلود لا يكون إلا لكافر.

فنقول رداً عليه: الأصل في لفظ الكفر أنه كفر أكبر إلا أن تأتي قرينة تصرفه من الظاهر إلى المؤول، والقرينة هنا قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات:٩]، فمع أنهم اقتتلوا إلا أنه سماهم المؤمنين، فلم ينزع منهم صفة الإيمان، وقال تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات:١٠]، والأخوة هنا هي أخوة الإيمان والدين.

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الحسن: (إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين) وحدث أن الحسن صالح معاوية فكانا مع من معهما الطائفتين المؤمنتين.

وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق).

والطائفتان هما طائفة علي، وطائفة معاوية، فسماهم مسلمين.

إذاً: فقتال المؤمن ليس بكفر، ولكنه كبيرة.