وتكفير المشبهة له أكثر من وجه: الوجه الأول: أنهم كذبوا بصريح القرآن، فالله تعالى يقول:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١]، وهم يقولون: يد الله مثل يد المخلوق، وعين الله الخالق كعين المخلوق، ورجل الخالق كرجل المخلوق، وقال الله تعالى:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}[مريم:٦٥]، وهذا من الله جل وعلا منكراً على من يجعل له كفؤاً، فقوله:{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} أي: ليس لله سمي ولا كفؤ، وهؤلاء يقولون: صفات الخالق كصفات المخلوق.
أيضاً قال الله تعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص:١ - ٤]، فلا أحد يكافئ لله جل وعلا في ذاته ولا في صفاته، وأيضاً قال الله تعالى:{فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ}[النحل:٧٤]، وفي آية أخرى قال:{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى}[النحل:٦٠]، فالذين يشبهون صفات الله جل وعلا بصفات المخلوق نزلوا الخالق منزلة المخلوق، فكفروا من هذا الوجه.
الوجه الثاني من أوجه تكفير المشبهة: أنهم اتهموا الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم البلاغ والبيان، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[المائدة:٦٧]، وقال جل وعلا في بيان التبليغ:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل:٤٤]، والرسول صلى الله عليه وسلم إذا لم يبين أن يد الله كيد البشر، لم يبين الذكر الذي نزل إليه، فهذا اتهام صريح سافر للنبي بأنه قصر في البلاغ.
الوجه الثالث في تكفير المشبهة: هو الإلحاد في صفات الله جل وعلا، والله جل وعلا يقول تعالى:{وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}[الأعراف:١٨٠]، فمن باب الإلحاد في أسماء الله جل وعلا وصفاته تشبيه صفاته بصفات المخلوق.
الوجه الرابع والأخير: هو نسبة النقص والعيب إلى الله جل وعلا، وعدم توقير الله وعدم تعظيمه؛ لأنهم إذا قالوا عين الله كعين المخلوق، ويد الله كيد المخلوق وصفوا الله جل وعلا بالنقائص، والله جل وعلا يقول:{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}[نوح:١٣]، يقول جل وعلا:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}[الزمر:٦٧].