في المقابل جاء أصحاب التفريط، وهم المرجئة، فلم يفرقوا بين كبيرة ولا غيرها، وقالوا: لو زنى وشرب الخمر وأكل الربا، فإيمانه كإيمان جبريل، لا يقل عنه قيد أنملة -كما يقولون- واستدلوا على ذلك بقول ناقل الشرع صلى الله عليه وسلم:(من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة)، فقالوا: هذا الرجل الذي فعل الكبائر هو عند الله مثله مثل جبريل، طالما قال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
وأجود الناس في تطبيق مذهب المرجئة هم المصريون، حيث يقولون: طالما القلب نقي أبيض، والإنسان يقول: لا إله إلا الله، فمكتوب أنه مسلم ولو فعل أي معصية، فإن (لا إله إلا الله) تشفع له، وطالما أن قلب الرجل أبيض نقي فإيمانه كإيمان جبريل، كما ذهبت إليه المرجئة.
وهكذا فإن أهل البدع إما في غلو وإفراط وإما في جفو وتفريط.