للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رد أهل السنة والجماعة على المرجئة]

والمرجئة يستدلون بحديث: (من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة) فعندهم كل من قال: لا إله إلا الله فسيدخل الجنة من أول وهلة، ولا يعذب في حال من الأحوال.

والرد عليهم أن نقول: إن هناك من المسلمين من سيدخلون النار لمعاصيهم حتى يصيروا حمماً، ثم بعد ذلك يلقون في نهر الحياة، ثم يدخلون الجنة.

وهؤلاء هم الجهنميون الذين يدخلون الجنة بعد عذاب.

وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى الرجل يقاتل شجاعة وحمية وهم يقولون: هذا رجل يقاتل وينافح عن الدين والإسلام، وعن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (هو في النار).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جهنم، ومن تحسا سماً فهو يتحساه في قعر جهنم).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين-: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة).

ففي هذا النص الصريح أنه قتل نفسه، وهذه كبيرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (عذب به)، فإذاً: هو سوف يعذب به، ثم يدخل الجنة بقوله: لا إله إلا الله، إذا أتى بشروطها.

إذاً: فحديث: (من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة)، له أدلة خصصته.

وأما استدلالهم بقوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا إِلَّا الأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل:١٤ - ١٦] فنقول: النار في هذه الآية إما أن تكون ناراً خاصة، وهي نار الكفار التي هي دركات، والدرك الأسفل فيها للمنافقين، فيكون الأشقى هو الذي يصلى النار الكبرى، والنار في قوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا إِلَّا الأَشْقَى} [الليل:١٤ - ١٥] هي نار الكفار؛ لأن النار ناران: نار الموحدين، ونار الكفار، والمقصود في هذه الآية: نار الكفار، فتخرج بذلك نار الموحدين التي يعذبون فيها ثم يلقون في نهر الحياة.

ووجه ثانٍ من الرد عليهم أن يقال: قوله تعالى: ((فأنذرتكم ناراً تلظى * لا يصلاها إلا الأشقى)) الصلي صليان: صلي بخلود، وصلي حتى الموت.

فالصلي بخلود يكون للكافر، والصلي حتى الموت يكون للمسلم؛ بقرينة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (حتى يصيروا حمماً، ثم يلقون في نهر الحياة) أما نار الكافر فلا يموت فيها ولا يحيا، كما قال الله تعالى: {لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا} [الأعلى:١٣].

أما أهل التوحيد فيموتون في النار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حتى يصيروا حمماً)، إلا شيئاً واحداً لا تأكله النار، وهو أثر السجود.

وهؤلاء الجهنميون يموتون، ثم يلقون في نهر الحياة بعد ذلك، ثم يدخلون الجنة.