[كرامة أبي مسلم الخولاني ومشابهتها لمعجزة إبراهيم عليه السلام]
كذلك إبراهيم عليه السلام حباه الله آية عظيمة أمام النمرود وأمام أهل الكفر؛ لأنهم قالوا: الذي سفه آلهتنا لابد أن نكيد له كيداً ويحرق، فأضرموا النار وألقوه فيها، فلما ألقوه كانت المعجزة، فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل؛ فأتاه الغيث من الله جل وعلا، قال تعالى:{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}[الأنبياء:٦٩].
حتى أن الوثاق والحبل الذي وثقوا به إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام يحترق ولا تمس النار جسد إبراهيم! آية من آيات الله ومعجزة من المعجزات حتى يؤمنوا، ولكنهم قد طبع على قلوبهم.
كذلك محمد صلى الله عليه وسلم حباه الله هذه الآية؛ ليبين عظم وشرف وعلو مكانة نبيه صلى الله عليه وسلم عنده وحباها الله لتابعي من أتباع رسول الله، وليس لرسول الله، وإذا كان الشرف يمس التابع فمن باب أولى أن ينسب إلى المتبوع.
كان الشرف لـ أبي مسلم الخولاني عند أن أخذه الأسود العنسي وأراد تعذيبه؛ فقال بعض القوم: لو تركت هذا الرجل فسيفتنهم ولكن اقتله، فأضرم النار وألقى أبا مسلم الخولاني فيها فلم يحترق! وكانت هذه آية عظيمة جداً وتكرمة الله لهذه الأمة.
فهذه الأمة مشرفة بشرف ليس بعده ولا قبله شرف مثله كما سنبين ذلك، فأنبياء يصلون خلف آحاد هذه الأمة دلالة على شرف هذه الأمة، وهذه الأمة شرفها وعزها في تمسكها بكتاب ربها وبسنة نبيها صلى الله عليه وسلم، فإن تخلت عن سبب الشرف ذلت، وسنة الله لا تتبدل أبداً، فالله جل وعلا شرف هذه الأمة بـ أبي مسلم حتى قال عمر بعد أن رآه: الحمد لله الذي أراني من أمة محمد رجلاً حدث له ما حدث لإبراهيم عليه السلام.