وقد استدلوا أيضاً بقول الله تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة:١٨٦]، فقالوا: القرب هنا يثبت هذه الآية: ((وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ)) فنقول: إن القرب هنا قرب إحاطة وعلم وإحصاء، وقرب إجابة وسمع، قال الله تعالى:((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ))، ثم فصل بقوله:((قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)) وقد جاء في البخاري عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات كلها، إنها تشتكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها، ويخفى عني بعض حديثها! وكانت في طرف البيت، والله من فوق سماواته يقول:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ}[المجادلة:١].
فالقرب هنا: قرب سماع، وقرب إجابة.
فهو قرب مخصوص بعناية المؤمنين، ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ))، أي: قرب خاص، وقرب إجابة للداعي الذي آمن بالله جل وعلا واتقاه.
الطائفة الثانية هم المحرفة، الذين يدعون زرواً وبهتاناً بالمئولة، وهم الأشاعرة الذين أولوا صفة الاستواء بالاستيلاء، وسنرد عليهم من الكتاب والسنة ومن العقل والفطرة، والاستواء صفة فعل، فبعدما خلق الله العرش استوى عليه ولو قلنا: إنه ينزل فذلك لا يستلزم خلو العرش؛ لأن نزول الله لا نعلم كيفيته، كما أن استواء الله لا نعلم كيفيته، فإن الكون كله في يده كحبة خردل بيد أحدكم.
وقد أورد الأشاعرة على أهل السنة بقولهم: هناك لوازم باطلة أيها المجسمة من إثبات صفة الاستواء، وهي: أنه عندما تقولون: إن الله استوى على العرش فمن اللوازم الباطلة أنه يلزم المماسة وإذا استوى على العرش فهو محدود فإذاً: الله محدود.
وقالوا: إن الله جل وعلا يحتاج إلى العرش لو استوى عليه، وسنبين الجواب عن هذه الشبه في الدرس القادم إن شاء الله.