وقد اختلف العلماء في مصير أهل الفترة يوم القيامة على أقوال نجملها فيما يلي: القول الأول: إنهم معذورون في الدنيا وفي الآخرة، واستدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب ومن السنة: أما من الكتاب، فقول الله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:١٥]، وقوله جل وعلا:{كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى}[الملك:٨ - ٩] ووجه الدلالة: العموم في الآية، وهو أن كل من يدخلون النار يقولون: نعم جاءنا نذير، وما من فوج إلا وجاءهم نذير، وأهل الفترة لم يأتهم نذير، إذاً: فهم ليسوا من أهل النار.
كما استدل القائلون بهذا القول بعدة آيات تشبه هذا المعنى.
واستدلوا كذلك بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(والذي نفسي بيده ما سمع بي من هذه الأمة -أي أمة الدعوة- يهودي ولا نصراني، ثم لم يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أصحاب النار)، ووجه الدلالة: مفهوم المخالفة أي: أنه إذا سمع به وآمن دخل الجنة، وإذا سمع ولم يؤمن دخل النار، وإذا لم يسمع فليس له نفس الحكم، بل حكمه يخالف ذلك، فيدخل الجنة.