للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[آداب النصيحة وهدي السلف في ذلك]

من الواجبات على هذه الأمة أن تنصح لولاة الأمور، وهذا النصح له آداب لا بد أن يتحلى بها الناصح.

أولاً: أن يكون عالماً بهذه النصيحة التي سيؤديها من الكتاب أو من السنة، وعنده الإتقان في هذه المسألة التي سينصح فيها.

ثانياً: أن يكون هذا النصح سراً لا علانية وجهاراً؛ لدرء المفاسد، وهذا من هدي السلف، أي: أنهم كانوا يناصحون ولاة الأمور في السر لا في العلن، دليل ذلك: حديث ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه قال: (من أراد منكم أن ينصح أميره أو ذي السلطان فلا يبديه علانية، وليمسك بيده، فإن سمع منه، فهذا المحمود المطلوب، وإلا فقد أدى الذي عليه) يعني: أدى الناصح الذي عليه.

وأيضاً في الصحيح: (أن أسامة بن زيد رضي الله عنه وأرضاه جاءه الناس، فقالوا: يا أسامة ألا تدخل على عثمان فتكلمه، أي: في أشياء تأول فيها وأنكرها بعض الناس، فالإنكار هنا كان للتأويل وعثمان رضي الله عنه وأرضاه في خلافته هو سيد الأمة بالإجماع وبالاتفاق، ولم يخالف هذا الأمر إلا أهل البدع الذين أنكروا ذلك، فـ عثمان تأول بعض التأويلات أنكرت عليه، فقالوا: (يا أسامة ألا تدخل عليه تكلمه -يعني: تنكر عليه- قال: أو كلما كلمته تسمعون؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه، ولا أحب أن أفتح باباً أكون أنا أول من فتحه).

يعني: لا أريد أن أكون أول من فتح باب الإنكار علناً على ولاة الأمور؛ فتحصل المفاسد العظيمة والشر المستطير، وانقلاب الناس على ولي الأمر والخروج عليه.

فهذا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينصح ولي الأمر سراً بينه وبينه.

كان الإمام مالك يقول: إذا دخلت على ولي الأمر ولك كلمة عنده فانصح، وإلا فلا تذهب إليه، إلا أن تعلم أنه سيسمع لقولك فتنصح لله سراً.

وكان الإمام الأوزاعي يكتب إليهم بالرسائل، وكذا ابن المبارك والنووي كانا يكتبان لولاة الأمور بالنصح بالكتاب والسنة قال الله قال الرسول، سراً، ويبعثان إليهم بهذه الرسائل لعل الله جل وعلا أن ينفع بها.

إذاً: فالنصح لهم بالسر.