مراتب الولاية لا تتوقف، بل تتفاوت كما بين السماء والأرض، لكن أدنى هذه المراتب من أدى الواجبات وانتهى عن المحرمات، فهذا أول الدرج الذي يصعد فيه الولي، ليصبح ولياً لله جل وعلا.
وأكمل المراتب في الولاية: من أدى الفرائض، وانتهى عن المحرمات، وأتبع الفرائض بالنوافل والمستحبات، وأتبع الانتهاء عن المحرمات بالانتهاء عن المكروهات، والشبهات تدخل مع المحرمات، فمن انتهى عن المحرمات، وعن المشتبهات، وانتهى عن المكروهات، وأيضاً عن كثير من المباحات، فقد وصل في الورع والتقوى مبلغاً، فهذه أكمل مراتب الولاية لله، جعلنا الله وإياكم ممن ينزل هذه المنزلة ويرتقي هذا المرتقى في الطاعة.
لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصَّبرا وقال بعض علمائنا: من طلب العلا سهر الليالي.
فلا بد أن تجد وتجتهد؛ لأنه ليس بين الله وبين عباده حاجز، إن وجدك الله جل وعلا صادقاً في جدك واجتهادك، وفي عبادتك له جل وعلا ارتقيت إلى هذه المنزلة، وبينهما من المنازل ما تتفاوت به المراتب، وتشرأب أعناق الناس إلى هذه المنزلة، ويرتقي المرء إلى ربه بهذه المنزلة، من منزلة المحبة إلى منزلة المحبوبية، وقد بينا أن منزلة المحبوبية إذا ارتقى إليها المرء، لا ينزل منها مرة ثانية، وإن عصى وإن ألم بالسيئات، فإن الله يلهمه التوبة بعد التوبة؛ حتى يصعد مرتقى غير هذه المنزلة التي نزلها، مرتقى أعلى منها؛ لأن العبد بعدما ينكسر ويتذلل ويبكي على معاصيه، ويتوب إلى الله توبة نصوحاً، فإنه ينزل منزلة أعلى من المنزلة التي كان عليها، ويتقرب قربة أكثر من الله جل وعلا، نسأل الله أن نرتقي إلى هذه المراتب.
إذاً: فهو ينتقل من المحبة إلى المحبوبية ليجني ثمرة الولاية.