[لفظ الجلالة ((الله)) علم على الذات الإلهية وهو اسم الله الأعظم]
(الله).
لو تبحرت في علوم هذا الاسم، وتعبدت لله بهذا الاسم ارتقيت ارتقاءً لا يرتقي إليه أحد إلا من أتى بمثل ما أتيت به.
الله: أشرف الأسماء على الإطلاق، وهو علم على ذات الله جل وعلا انفرد الله به، ولا يمكن لأحد أن يسمى بهذا الاسم إلا الله، إذا قلت: الله.
فلا يذهب ذهنك إلا للعلي المقتدر والذات المقدسة الإلهية.
الله: أصله من الإله، وحذفت الهمزة تسهيلاً، كما تقول: الناس أصله الأناس، وحذفت الهمزة تسهيلاً.
والإله فعال بمعنى: مفعول ككتاب بمعنى: مكتوب، وغراس بمعنى: مغروس، فالإله بمعنى: مألوه أي: هو الذي تألهه القلوب وتحبه وتخضع له وتتذلل وتتضرع وتتمسكن له جل وعلا.
فالله: علم على ذات الله يتضمن صفة الإلهية، وهي العبادة التي هي: غاية الذل مع غاية الحب لله جل وعلا، ولن تصل إلى العبودية التامة حتى تتذلل غاية الذل للملك المقتدر مع غاية المحبة بحيث يمتلئ بها قلبك حتى لا يكون فيه إلا حب الله جل وعلا، وهذا الذي علمه الله جل وعلا للنبي صلى الله عليه وسلم في الرؤية، والحديث في الترمذي ومسند الإمام أحمد بن حنبل قال: (رأيت ربي في أحسن صورة، قال: يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا.
قال: فوضع كفه بين كتفي فكأني شعرت ببرد أنامله على كتفي) ونحن نقول برؤية الله في المنام بنص هذا الحديث، ثم قال: (علمت ما في السموات وما في الأرض).
الشاهد من الحديث أنه قال: (قل: اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين)، وفي رواية أخرى: (اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربني إلى حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي ومن أهلي ومن الماء البارد).
فاستلزام الله المألوه المحبوب أن تفرغ كلية القلب من محبة غير الله جل وعلا، ولذا في قصة إبراهيم الخليل الذي تخللت محبة الله مسالك قلبه وروحه لما جاءه إسماعيل غار الله، وكأن حظاً من حب البنوة قد دخل قلب إبراهيم الخليل الذي كان قلبه نظيفاً من محبة غيره، فابتلاه الله بالذبح، فلما انصاع فداه الله بالذبح العظيم؛ لأن الأمر ابتلاء حتى يخلو القلب من أي أحد دون الله جل وعلا.
فالله هو المألوه الذي أشبعت القلوب بمحبته جل وعلا.
قال العلماء: الله: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، وقد ذكر في القرآن أكثر من ستمائة وخمسة وتسعين مرة.
وكذلك ما من حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم يذكر فيه اسم الله الأعظم إلا وكان فيه ذكر الله، (دخل النبي صلى الله عليه وسلم على رجل يرفع يده فيقول: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الواحد الأحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى).
وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اسم الله الأعظم في ثلاث سور: في البقرة وآل عمران وطه) فإذا قرأت وجدت الأسماء موجود فيها: (الله لا إله إلا هو) (الله لا إله إلا هو) (الله لا إله إلا هو).
فالله: على القول الراجح هو اسم الله الأعظم الذي إذا ذكر في قليل كثره وبركه، وهو إغاثة للملهوف، ونصرة للمظلوم، وقهر للغالب على المغلوب، فإن الله جل وعلا الذي تألهه القلوب محال من عرفه ولم يعبده، ومحال من عبده ولم يخلص له، ومحال من أخلص له ولم يشبع قلبه بحبه جل وعلا، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم:٩٦].
وهذا الاسم من مميزاته: أنه لا يضاف إلى الأسماء بل أسماء الله تضاف إليه على أنها أوصاف، فتقول: الله الكريم، الله الرحيم، الله الرحمن، فالكريم والرحيم والرحمن أوصاف لله، لكن لا تقل: الرحمن الله، الكريم الله، ولا يصح أن تقول: الله صفة للكريم أو للرحمن، فلا يضاف للأسماء، بل الأسماء تضاف إلى هذا الاسم الأعظم على أنها أوصاف له، مثل الله الرحمن.
والرحمن: على الانفراد اسم من أسماء الله الحسنى يدل دلالة مطابقة على الذات العلية.
والدلالات ثلاث: تطابق، وتضمن، والتزام.
دلالة التطابق مثل أن أقول: اسم الله دلالته على الذات الإلهية المقدسة دلالة تطابق، أي: لا يحيد شيء عنه.
إذاً: اسم الله أو أي اسم من أسماء الله الحسنى يدل دلالة تطابق على ذات الله جل وعلا، فإذا قلت: الرحمن الكريم الجبار تقصد بذلك الذات العلية فإنها تدل عليها دلالة تطابق.
فالاسم يدل على الذات بدلالة التطابق ويتضمن صفة، فالاسم يتضمن صفة، فالرحمن يتضمن صفة الرحمة، والكريم يتضمن صفة الكرم، والإله يتضمن صفة الإلهية، والمتين يتضمن صفة المتانة.
وإذا قلنا: إن اسم المحيط من أسماء الله فإنه يتضمن صفة الإحاطة، أي: أن الله يحيط بكل شيء.