للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[طرق تحقيق الإيمان بالله جل وعلا وحال الصحابة في ذلك]

إن كان هذا هو أشرف العلوم وأول الواجبات فكيف نتعلمه؟ وكيف نصل إليه؟ قال الله تعالى مرشداً إيانا: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ} [البقرة:١٣٧] أي: الصحابة الكرام {فَقَدِ اهْتَدَوا} [البقرة:١٣٧].

إذاً: فالإيمان بالله جل وعلا والعلم به وبأسمائه وصفاته وربوبيته وإلهيته يكون بالكتاب والسنة بفهم سلف هذه الأمة أهل السنة والجماعة، الذين مدحهم الله بقوله: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح:٢٦]، وقد امتثلوا أمر الله جل وعلا، واتبعوا أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، وكانوا وحدة في الصف، والعلم والفكر، والوحدة الحقيقية هي وحدة العلم والذهن والفكر، وكلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة، فهذه الوحدة تمسكوا بها وكانوا معتصمين بحبل الله كما أمرهم، قال الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:١٠٣]، وكما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي) فامتثلوا أمر الله جل وعلا باتباع كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر:٥٥] فامتثلوا ذلك.

وقال جل وعلا آمراً الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف:١٠٨]، ثم امتحنهم عندما زعموا الحب للرسول صلى الله عليه وسلم: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١]، ثم بعدما اتبعوا الاتباع الكامل الخالص لله وللرسول صلى الله عليه وسلم، كما بين ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه -كما في المسند- قال: (خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً، ثم خط على يمينه خطوطاً، ثم خط على يساره خطوطاً وقال: هذه السبل على كل سبيل شيطان، ثم قرأ قول الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام:١٥٣]).

فأطاعوا الله وأطاعوا الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، عملاً بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:٥٩].

وقول الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧١]، وقد فازوا؛ لأنهم أطاعوا الله وأطاعوا الرسول، {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:٨٠] جل وعلا، وعملوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).

إذاً: للصحابة صفات وسمات ما تكلمنا عنها الآن إلا لنحذو حذوهم، ونقتفي أثرهم، فقد اعتصموا بحبل الله جل وعلا تحت كلمة التوحيد، ثم اتبعوا سبيل الله وتركوا سبيل الغواية والشيطان، ثم أطاعوا الله وأطاعوا رسوله صلى الله عليه وسلم كما قال ابن مسعود: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم).