للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم من لم يكفر اليهود والنصارى]

اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم هم أهل كفر، وهم أهل ضلال، ومن لم يكفرهم ويعتقد خلودهم في نار جهنم إذا ماتوا على الكفر بعد إقامة الحجة عليهم، وبعد بيان حالهم من الكتاب والسنة فهو كافر خارج من الملة، خالد مخلد في النار.

إذا رأيت الرجل يقول: النصراني دينه دين سماحة، أو هذا أخونا في الدين، فهذا على خطر عظيم، فمن كان هذا حاله فقل له: النصارى ألا يقولون: باسم الله باسم الأب باسم كذا باسم كذا؟! فسيقول: نعم، فقل له: ألا يقولون في عيسى: إنه إله وإنه ابن الله وإنه ثالث ثلاثة؟ فالنصارى يقولون بألوهية عيسى، فمنهم من يقول بالأقانيم الثلاثة، ويقولون: فيه شيء من الناموس وشيء من اللاهوت، وعقيدة النصارى كلها كذلك، فهم يقولون عن عيسى: ابن الله، فأنت ائت بالمصحف وقل له: قال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة:٧٣]، فهل تكفرهم أم لا تكفرهم؟ إذا قال: لا، هم إخواننا في العقيدة، فقل له: أنت كافر؛ لأنه كذَّب الله جل وعلا؛ لأن الله -ومن أصدق من الله حديثاً، ومن أصدق من الله قيلاً- قال: إنهم كفار، فكيف يقول: هم مسلمون؟! فهذه دلالة على أن من لم يكفرهم يكفر بعد إقامة الحجة عليه، وأيضاً الله جل وعلا قال: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ} [الأعراف:١٥٧]، فهذا مسطر عندهم: محمد صلى الله عليه وسلم، مسطر في التوراة والإنجيل، وهم ينكرون، فالذي لا يكفرهم بعد إقامة الحجة عليه فهو كافر خالد مخلد في نار جهنم إن لم يتب ويموت على التوبة.

إذاً: هذا الباب من أهم الأبواب، ومنه يتبين لنا أن الذين يميعون العقائد عند الناس هم أضل الناس، ولذلك قال سفيان بن عيينة: كنا نقول عن علمائنا الذين يضلون: إنهم أشبه ما يكون باليهود؛ لأنهم يضلون على علم، فالذين يميعون العقيدة عند الناس هم في ضلال مبين إن لم يكونوا على كفر.

فإذا قيل: إنهم لا يقولون ذلك، بل يعتقدون كفرهم، لكن يقولون ذلك حفاظاً على الكراسي، فنقول: مآلهم إلى الله، لكن الظاهر عندنا أنه إذا كفر اليهود أمامهم، ثم لم يكفرونهم كفروا، وأيضاً النصارى، وعندنا حديث جلي في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يحشر الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد، فينادى اليهود فيقول الله تعالى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد عزيراً ابن الله - حاشا لله- فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، ما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقول الله تعالى مبكتاً إياهم: اشربوا، فيتساقطون في نار جهنم، ثم يؤتى بالنصارى فينادى على النصارى: ما كنتم تعبدون، فيقولون: كنا نعبد المسيح وينسبونه إلى الله جل وعلا - حاشا لله - فيقول الله تعالى: كذبتم، لم يتخذ الله صاحبة ولا ولداً، فيقول الله جل وعلا: ما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقول الله تعالى مبكتاً لهم: اشربوا، فيتساقطون في نار جهنم) والعياذ بالله.

فهؤلاء هم أكثر أهل الأرض وأضل أهل الأرض، نعوذ بالله أن نقول بقولهم، ونعوذ بالله أن نعمي على الناس، وأن نميع عقائدهم فلا يعرفون الكافر من المسلم.

وأشد ما يكون على الناس ألا يفرقوا بين الكافر وبين المسلم؛ لأن للكافر أحكاماً وللمسلم أحكاماً.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.