للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختلاف العلماء في حكم العتيرة والفرع]

هناك مسألة اختلف فيها العلماء، وهل هي من البدع أم من السنة؟ ألا وهي مسألة العتيرة، جاء في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العتيرة حق)، والعتيرة: هي الذبيحة، فقدكان أهل الجاهلية يذبحون في رجب، وأيضاً الفرع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا فرع ولا عتيرة)، وقد اختلف العلماء في العتيرة، وهي ذبيحة في رجب؛ ولذلك تكثر الأسئلة فيها هل يسن أن يذبح المرء في رجب، كما هو مشهور في الولائم وفي العقيقة وفي الأضحية؟ وهل من ضمن إراقة الدماء المشروعة العتيرة أم لا؟ اختلف العلماء لاختلاف الأحاديث، وورد حديث في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العتيرة حق)، وورد في البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا فرع ولا عتيرة)، والفرع: هو أول مولود للناقة، كان أهل الجاهلية أيضاً يعظمونه، فيذبحون الفرع قربة لآلهتهم الباطلة، ولا يأخذون منه شيئاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وبين أن هذه من أفعال الجاهلية، فلا تشاكلوا ولا تشابهوا أهل الجاهلية.

وأما العتيرة، فقال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (العتيرة حق)، فلذلك قال النووي: يستحب للمرء أن يذبح في رجب، أي: يذبح ذبيحة، فيفرق لحم هذه الذبيحة على الفقراء والمساكين، وهذه قربة لله جل وعلا بإراقة الدماء في رجب، والمعتمد في المذهب أنها ليست مستحبة، ولكنها مكروهة جمعاً بين الحديثين، الحديث الأول الذي رواه البخاري: (لا فرع ولا عتيرة)، والحديث الثاني حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (العتيرة حق).

ونقول: الجمع هذا جمع حسن، وجمع النووي أيضاً جمع حسن على أساس أنه قال: (لا فرع ولا عتيرة) أي: في أيام الجاهلية، كما كانوا يتقربون بها إلى الآلهة الباطلة، أما إذا تقربوا بها لله جل وعلا فذبحوا في رجب وأراقوا الدماء ووزعوها من أجل الفقراء والمساكين، فهذا لله جل وعلا، ويستحب ويستحسن له أن يذبح في رجب، فالراجح فيها: أنها لا تنزل عن درجة الإباحة.