[نبذة تعريفية عن فرقة المرجئة]
اسم المرجئة مشتق من الإرجاء، معناه: التأخير، قال الله تعالى: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} [التوبة:١٠٦].
وقد ظهرت هذه الطائفة في آخر القرن الأول، ففي عصر الفتن ظهرت المرجئة بعد ما خرجت الخوارج على علي، وعثمان رضي الله عنهما.
وأول من تكلم بالإرجاء هو الحسن بن محمد بن الحنفية، وكان الإرجاء عنده غير الإرجاء الذي ينكره أهل السنة والجماعة.
فقد كان الإرجاء عند الحسن بن محمد بن الحنفية أنه قال: نحن نقر بخلافة الشيخين: أبي بكر وعمر، ونرجئ أمر عثمان، وأمر علي لله جل وعلا.
ومن رموز المرجئة حماد بن أبي سليمان، بل يقال: إنه أول من أنشأ مذهب الإرجاء في مسمى الإيمان، وهو من أهل الكوفة، وتلميذ إبراهيم النخعي، وهو شيخ لـ أبي حنيفة، وكان يقول حماد: الأعمال ليست من الإيمان، ولكنهم اختلفوا بعد حماد بن سليمان وبعد ما أخذ أبو حنيفة عنه هذا المذهب إلى فرق كثيرة.
فمنهم من قال: الإيمان هو المعرفة، أي: إن عرفت أنه يوجد رب خالق للكون فقط فأنت مؤمن، وعندهم من هو أشر من إبليس يستوي إيمانه مع إيمان جبريل؛ ولذلك كفرهم كثير من أهل السنة والجماعة.
وفرقة أخرى قالت: الإقرار هو الإيمان، وفرقة ثالثة قالت: التصديق هو الإيمان، وبعضهم قال: الإقرار والتصديق وقول اللسان هو الإيمان، وبعضهم ومنهم الكرامية قالوا: العمل فقط عمل الجوارح.
أما مرجئة الفقهاء الذين بينهم وبين أهل السنة والجماعة بعض الخلاف وبعض الاتفاق فقد قالوا: الإيمان إقرار بالقلب، وأقروا بأعمال القلوب، لكن قالوا: أعمال الجوارح ليست من الإيمان، بل هي ثمرة بالإيمان، فهذا قول مرجئة الفقهاء في أمر الإيمان.
أما قولهم في الكفر فهم يقولون: إن الأقوال أو الأفعال الكفرية ليست كفرية، أي: سب الرسول أو سب الشريعة ليس بكفر وإنما علامة على الكفر الداخلي.
وهم يقولون هذا؛ لأن منهج المرجئة في الإيمان: أن الإيمان إقرار وتصديق، فيقرون بأعمال القلوب، أما أعمال الجوارح فليست عندهم من الإيمان، والكفر عندهم علامة على ما في داخل القلب، ولهم أدلة في ذلك.
منها: قول الله جل وعلا: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف:١٧] قالوا: فالإيمان في اللغة: التصديق، والتوحيد: هو التصديق، فالأعمال ليست تصديقاً فلا تدخل في مسمى الإيمان.
ومنها: أنهم قالوا: إن الله جل وعلا عطف الأعمال على الإيمان، والأصل في العطف المغايرة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البقرة:٢٧٧]، فجعل العمل الصالح غير الإيمان.
وقالوا كذلك: إذا قلنا: بأن الإيمان هو التصديق، فلا يكون الكفر إلا التكذيب، فحصروا الكفر بالتكذيب.