ويلي الشيخين في الفضل عثمان رضي الله عنه وأرضاه وإن كان فيه خلاف إلا أن الأمة أجمعت عليه بعد ذلك الخلاف، فقد كان رأي أبي حنيفة والثوري ومن المتأخرين الشوكاني تقديم علي على عثمان رضي الله عنه وأرضاه، والخلاف هذا معتبر، لكن الصحيح الراجح أن عثمان يقدم على علي بالنص أيضاً إذ إن عثمان هو الخليفة الثالث، وخلافته جاءت صحيحة بإجماع المهاجرين والأنصار، لأن عمر رضي الله عنه وأرضاه قال: إن كنت سأستخلف، فقد استخلف من هو خير مني -يريد أبا بكر -، وإن كنت لا أستخلف أي: لا أنص كتابة، فما استخلف من هو خير مني يريد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب لـ أبي بكر لكنه أشار إليه كما تقدم، ثم قال: هي في هؤلاء الستة الذين مات الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وعدهم: عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم أجمعين، قال العلماء: أما عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه وإن كان لا يقل فضلاً عن هؤلاء، إلا أن أعباء الخلافة جعلت عمر رضي الله عنه وأرضاه ينحيه عنها حيث قال: له المشورة وليس له من الأمر شيء.
فترك الزبير صوته لـ علي وترك طلحة صوته لـ عثمان، وتنحى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه وسعد بن أبي وقاص عن الأمر، فحصر الأمر في علي وعثمان، قال عبد الرحمن بن عوف: والله لقد درت على النساء في خدورهن فما عدلوا بـ عثمان أحداً، وهذه دلالة على أن المهاجرين والأنصار بالنظر الثاقب قدموا عثمان.
ومما يؤثر عن ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه أنه قال:(كنا في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان).
وقد خطب علي رضي الله عنه في الناس وقال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ومن قدمني على أبي بكر وعمر جلدته ثمانين جلدة حد المفتري، ثم قال: والله أعلم بمن أفضل بعد ذلك، فلم يخير عثمان عليه.
وهنا يجدر بمن يقدم علي على الشيخين إن كان يحب علياً أن يستمع لكلامه، ورد في الأثر أن محمد بن الحنفية قال لـ علي: من أفضل الأمة بعد النبي؟ قال: أبو بكر، قال: ثم من؟ قال: عمر قال: فاستحييت أن أقول له: ثم من؟ فيقدم عثمان عليه، مع أن في قرارة نفسه أن عثمان أفضل من علي رضي الله عنه وأرضاه.
وبذلك علم فضل عثمان رضي الله عنه.
وأشهر فضائل عثمان أنه ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم على بنتيه، وورد في الآثار أنه قال:(لو كانت الثالثة لأنكحتك إياها).