الفائدة من تعلم واستيقان علو الله جل وعلا هي: أن العبد إذا علم أن الله علي بذاته، علي شأنه، قدير جليل عظيم فإنه كلما أخطأ في حقه استحيا منه، ولم يأت بما أتى به المشركون، كما قال تعالى:{مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}[نوح:١٣].
وإذا علم العبد شأن الله الجليل العظيم فإنه سيوقره أحسن التوقير، وسيبجله أعظم التبجيل والتعظيم سبحانه وتعالى.
وأيضاً إذا علم العبد واستقر في قلبه ونفسه علو الله جل وعلا فإنه تعلو همته ويحب كل علو، سواء كان علو همة أو علو عبادة أو علو مكانة، فيرتقي بذلك تعبداً لآثار هذه الصفة، وهي صفة العلو لله جل وعلا، وكذلك إذا علم العبد أن الله علي عال على عباده بقهره وقوته فإنه لن يخاف إلا من الله جل وعلا، ولن يرتجف قلبه إلا من الله جل وعلا، ولن يذل إلا لله جل وعلا، ولن يتوكل إلا على الله، ولو اجتمعت جيوش الكفر كلها على أهل الإسلام فلا يعبأ بهم؛ لأنه يعلم أن الله فوقهم قاهر، وأن الله جل وعلا عال بذاته، قاهر لكل عبد من عباده، بربوبيته جل وعلا، وإذا أراد أن يجعل هذه الدنيا عاليها سافلها جعلها كذلك فلا يخاف إلا من الله، حتى لو أرجف المرجفون وقالوا: جمعوا وجيشوا الجيوش عليكم، فتسمو أرواحهم وتحوم قلوبهم حول عرش الرحمن؛ لأنهم يعلمون أنه القاهر القادر الرب الذي إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا نستيقن بعلو الله جل وعلا، ونتعبد له بأثر هذه الصفة، التي إذا تعبدنا له بها استحيينا منه، فلا نبادره بالمعاصي، وإن وقعنا استغفرنا، ورددنا قول النبي صلى الله عليه وسلم:(اللهم إن تغفر تغفر جماً)، أي: ذنباً جماً (وأي عبد لك ما ألما) فالله جل وعلا غفور رحيم، وعلو قهره يجعلك تستغفره مستحيياً منه خائفاً منه جل وعلا.