للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان أن الإيمان يزيد وينقص]

قال تعالى حاكياً عن إبراهيم: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة:٢٦٠].

فهو عنده علم اليقين، ولكنه يريد أن يرى الطير المذبوح يطير أمامه، فهو يريد أن يصل إلى عين اليقين.

فهذه دلالة على أن الإيمان يزيد.

فأول المراتب: علم اليقين، ثم حق اليقين، ثم عين اليقين.

فأنت الآن تعلم الجنة، وهذا علم يقين، وفي عرصات يوم القيامة ستعرف أنها حق اليقين، وبعد أن تدخلها -إن شاء الله- ستعرف أنها عين اليقين.

فهذه هي الزيادة.

وما كان دليلاً على الزيادة فهو دليل على النقصان.

ومما يستدل به على أن الإيمان يزيد وينقص حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار.

فيقول الله عز وجل: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا، فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية؟).

فهذا دليل على أنه ينقص الإيمان حتى يصل إلى مثقال حبة أو ذرة أو خردلة من إيمان.

وأيضاً روي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يخرج من النار من كان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة).

وهذا دليل عن أن الإيمان ينقص، ويدل بالإشارة على الكمال.

وأيضاً: روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم).

وهذا دليل على زيادة الإيمان.

وروى المؤلف أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أحب لله، وأبغض لله، ومنع لله فقد استكمل الإيمان).

وهذا دليل على زيادة الإيمان.

وأيضاً روى المؤلف بإسناده عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون وعليهم قمص، منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، إذ عرض علي عمر -رضي الله عنه وأرضاه- وعليه قميص يجره، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟! قال: الدين).

وهذا دليل على الزيادة والنقصان.

ووجه الدلالة من الحديث: أن الدين قد يبلغ إلى الثدي، وقد ينزل إلى الحقو، وقد ينزل إلى الركبة.

نسأل الله أن يجعلنا ممن يجر ثيابه إيماناً، كحال عمر رضي الله عنه وأرضاه.

وأيضاً: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن) وهذا دليل على أن الإيمان ينقص.