بين النبي صلى الله عليه وسلم أصناف الذين سيمرون على الصراط، فمنهم من يمر كطرف العين وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب وكالطير والماشي والزاحف ومن يحبو حبواً لأن أعماله قصرت به، والكلاليب تصعد لتخطفه وتخدشه، وقلبه يرتجف، ثم يرى أن الله قد نجاه من المرور على هذا الصراط ووصل إلى الجنة.
المؤمنون في ذلك الموقف يخافون على إخوانهم ويذهب منهم الغل والحقد {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}[الحجر:٤٧] فينظرون إلى إخوانهم يريدون من الله أن ينقذ هذا الرجل، قال الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين:(والمؤمنون منهم كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب، ثم قال: حتى يكون آخرهم يسحب سحباً -إلى أن يصل سالماً إلى الجنة- ومنهم من تخطفه الكلاليب فيكردس في نار جهنم).
أول من يمر على الصراط هم هذه الأمة الخيرية الكريمة المكرمة بكرامة نبيها صلى الله عليه وسلم، كما قال صلى الله عليه وسلم:(فأكون أنا وأمتي أول من يجوز على الصراط) فالنبي صلى الله عليه وسلم يقف على الصراط ويقول: يا رب سلم سلم، ويرتجف قلبه على أمته كما قال (خبأت دعوتي شفاعة لأمتي) فتمر هذه الأمة، ثم تأتي بعد ذلك أمم، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته أول الأمم محاسبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(نحن الآخرون الأولون) يعني: نحن الأولون في القضاء وأول من نحاسب، وكرامة لهذه الأمة فإن أول من يعبر على متن الجسر على جهنم هذه الأمة، جعلنا الله ممن يمر عليه كالطرف أو كالبرق إلى الجنة مع النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى.
هذا آخر ما تكلم عنه المصنف في باب الغيبيات، ثم يدخل بعد ذلك في باب جديد، ونحن بإذن الله على مشارف الانتهاء من الجزء السادس من شرح أصول الاعتقاد لأهل السنة والجماعة، وبعده الكلام على الفتن التي كانت بين الصحابة، وكيف نتكلم عنها ونتأدب مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.