في قول الله تعالى:{هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ}[الرحمن:٦٠] دليل على أن الذي عبد الله وأحسن في عبادته أنه يرى الله جل وعلا رؤية كاملة.
ومن الأدلة على رؤية الله جل وعلا قوله تعالى:{قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي}[الأعراف:١٤٣]، فهذه الآية من الأدلة على رؤية الله جل وعلا من وجوه: الأول: أن موسى عليه السلام هو من أعلم الخلق بالله جل وعلا فلو كان السؤال معاباً على موسى لما سأل الله جل وعلا، ولو كان سأله جهلاً لا تعدياً لما أقره الله جل وعلا على ذلك، فالله تعالى لم يقر نوحاً عليه السلام عندما قال:{رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ}[هود:٤٥] فقال الله له: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}[هود:٤٦] ثم قال: {فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[هود:٤٦] فلم يقره على هذا الخطأ، ولو كان موسى عليه السلام مخطئاً في السؤال ما أقره الله جل وعلا، ولكنه هنا أقره فقال:{انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي}[الأعراف:١٤٣].
ثانياً: أن الله جل وعلا لم يقل: أنا أرى، وإنما قال:((لَنْ تَرَانِي)) أي في الدنيا؛ لأن بصرك لا يحتمل ذلك؛ ودليل ذلك أن الجبل الذي هو راسخ اشم شامخ دك عندما تجلى الله له.
ثالثاً: أن الله جل وعلا علق الرؤية على أمر ممكن، ولم يعلقها على أمر مستحيل فقال:((فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ))، وهذا أمر ممكن وليس بمستحيل، فلو استقر الجبل مكانة لرأى موسى ربه جل وعلا، فهذه دلالة على أنه سيرى.
رابعاً: أن الله تجلى للجبل الجماد الذي ليس له ثواب ولا عليه عقاب، قال تعالى:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا}[الأعراف:١٤٣]، فمن باب أولى أن يتجلى الله تعالى لمن هو أكرم من الجبل وهو الإنسان المؤمن.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.