فإذا كانت هذه الأمة ترد والنبي صلى الله عليه وسلم يميز هذه الأمة عن الأمم السابقة، وهو الذي يسقيهم بيده، فهل من محروم في هذا اليوم العصيب؟ عندما يشتد الكرب، عندما يريد كل واحد من الناس أن يروي ظمأه، هل من مصدود محروم لا يشرب من يد النبي صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة لا يظمأ بعدها أبداً؟ نقول: نعم والله، فإن الجزاء من جنس العمل، فإن الذين أنكروا هذا الحوض، وأنكروا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكروا ما هو ثابت بالتواتر، جزاؤهم من جنس عملهم، فإن الله جل وعلا يصدهم عن الحوض ويحرمون منه، فلا يشربون من هذا الحوض، وهم أشد الناس حاجة إلى شربة ماء واحدة، يروون بها هذا الظمأ، كما ورد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ليختلجن رجال من دوني، فأقول: يا رب! أمتي أمتي، فيقال: يا محمد، لا تدري ماذا أحدثوا بعدك).
وفي رواية أخرى: عندما يقال له: (لا تدري ما أحدثوا بعدك، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي).
إذاً: أهل البدع وأهل الأهواء محرومون من الشرب من يد النبي صلى الله عليه وسلم، محرومون من أن يشربوا شربة هنيئة لا يظمئون بعدها أبداً من يد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه إشارة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم تبين عظم وخطر البدعة وأنها أشد من الكبائر، فأعظم الكبائر هي البدعة؛ لأن البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية، أرأيتم! كل الناس سيشربون من حوض النبي صلى الله عليه وسلم إلا المبتدع، حتى العاصي وفاعل الكبيرة سيشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم إن شاء الله، إلا المبتدع لعظم جرمه؛ لأن البدعة بريد للكفر، والبدعة هي أحب إلى الشيطان من المعصية، فالمعصية وإن كانت كبيرة يتوب منها الإنسان، أما البدعة لا توبة له، لا أقول: لا توبة له شرعاً، أقول: لا توبة له كوناً، فهو أصلاً في الشرع فتح الله له باب التوبة، وأمره بالتوبة، فقد قسم الله الناس إلى ظالم وتائب، فهو مأمور بالتوبة محثوث عليها، فلا بد من أن يتوب إلى الله، لكن كوناً يمنع منها، وقد ورد في ذلك كثير من الآثار أنه لا توبة لصاحب بدعة؛ لأنها تترسخ في قلبه ويدافع عنها وينافح عنها، ويأتي بالأكاذيب والأباطيل والموضوعات حتى ينافح ويدافع عن هذه البدعة، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ونعوذ بالله من البدعة ومن أهل البدع.