لقد اختار الله محمداً صلى الله عليه وسلم ليكون نبياً وهيأه لذلك، فهو أشرف الناس نسباً وأعظمهم خَلقاً وخُلُقاً صلى الله عليه وسلم.
قبل البعثة وقبل ظهور الأمر العظيم الذي سيشرق على هذه الدنيا، هيأ الله الدنيا لمخرج هذا الرجل العظيم، فهو أعظم رجل في العالم، وهو سيد الأولين والآخرين، وهو صاحب أعظم رسالة، وهو خاتم الأنبياء، فقبل ولادته ظهرت إرهاصات ومقدمات؛ حتى تتهيأ البشرية لمقدم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وفي سنة ولادة النبي صلى الله عليه وسلم حدثت معجزة من أكبر المعجزات، وكانت توطئة ليعلم الناس أنهم سيستقبلون أمراً عظيماً، ألا وهي أن أبرهة جاء ومعه الفيل ومعه جنوده لهدم الكعبة، وهذه المعجزة قصها الله سبحانه وتعالى علينا في القرآن، فقال الله عز وجل:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ}[الفيل:١ - ٢]، ثم جاءت المعجزة الكبيرة:{وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ}[الفيل:٣ - ٤]، حتى إن عبد المطلب لما ذهب إلى أبرهة يطلب منه أن يرد عليه إبله، قال أبرهة: كنت عظيماً في عيني قبل اليوم، يعني: بما أنك عظيم قريش، وقريش الكعبة، فالأصل أن تتكلم عن الكعبة لا عن الإبل، فرد عليه عبد المطلب بقوله: أنا رب إبلي وللبيت رب يحميه، فتناثر الناس يميناً ويساراً وتركوا الكعبة لأبرهة، فلما دخل أبرهة مكة أنزل الله هذه المعجزة العظيمة:((وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ))، ((تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ))، ((فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ))، فكانت إرهاصة وكالمقدمة والتوطئة لمبعث رجل عظيم.
أيضاً من المعجزات: أن أمه حين ولدت به رأت نوراً خرج من فرجها قد أضاء له قصور الشام.
فهذه كانت إرهاصات وتوطئة لمقدم النبي صلى الله عليه وسلم، ولما بلغ صلى الله عليه وسلم الرابعة من عمره، جاء ملكان فشقا بطن الرسول صلى الله عليه وسلم فاستخرجا قلبه وشقاه، فأخرجا منه علقة سوداء فقالا: هذا حظ الشيطان من الرسول صلى الله عليه وسلم، وأهل الاعتزال والبدع يردون هذا الحديث، ويقولون: كيف يشق الملك بطن النبي صلى الله عليه وسلم، ويخرج قلبه، ويخرج حظ الشيطان منه؟! نقول: أنتم في العصور المادية الآن، فلو قام طبيب من الأطباء وعمل في البطن عمليات، فهل تصدقون ذلك؟ ستصدقون، وهذا ملك نزل من السماء إلى الأرض، وعلمه الحكيم العليم سبحانه وتعالى، فشق بطن النبي صلى الله عليه وسلم، فلماذا لا تصدقون؟! ويقال: إنه حدث هذا الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات: المرة الأولى: وهو ابن أربع سنوات، والمرة الثانية: وهو ابن عشر سنين، والمرة الثالثة: ليلة المعراج، حين نزل جبريل ففتح صدر النبي صلى الله عليه وسلم وملأه حكمة وعلماً؛ توطئة لأمر المعراج، وهذه كانت من المقدمات لمبعث النبي صلى الله عليه وسلم.
أيضاً لما كان صغيراً وكان يحمل الحجر لبناء الكعبة، قال له العباس آمراً إياه:(يا بني! خذ إزارك وضعه على كتفك، فظهرت عورته فغشي عليه، فلم يرَ النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عرياناً قط).
أيضاً: حفظ الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم، وصانه من اعتقادات أهل الجهل ومن أخلاقياتهم، فكان يبغض الأوثان، ويبغض أخلاقيات أهل الجاهلية من شرب الخمر أو النظر إلى النساء، وكان يخلو بربه في غار حراء يتحنث فيه الليالي ذوات العدد، ثم يأتيه الملك.