معنى بسم الله الرحمن الرحيم على التفصيل: الاسم مشتق من السمو وهو العلو وهذا في حق الله على حقيقته؛ لأن الله له العلو المطلق، وهو أنواع: علو القدر والشرف، ولا أحد أشرف من الله جل وعلا؛ لأن له صفات الكمال والجلال.
وعلو الذات، والدليل على ذلك قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥]، كيف تجيبون على قول الله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد:٤] و (ما) من الأسماء المبهمة التي تفيد العموم، يعني أي مكان كنتم فيه فالله معكم؟ نقول: إن الأصل في المعية أنها لا تستلزم المخالطة، أقول: سرت والقمر معي، والقمر لم يكن بجانبي، وإنما القمر في السماء وأنا في الأرض، وهذه هي المعية المطلقة التي لا تستلزم المخالطة.
إذاً: أولاً: قال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] فقد أثبت استواؤه على العرش.
الدليل الثاني: قال الله تعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}[الملك:١٦] فبين أنه في السماء، و (في) معناها (على)، فهذه آية محكمة على أنه فوق السماء جل وعلا، ثم أتتنا هذه الآية المحتملة:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد:٤] فهي تحتمل أنه معنا بعلمه وإحاطته وهو فوق العرش، أو معنا بذاته، لكن ما الذي يجعلنا ننفي أمر الذات؟ القرائن المحتفة: أولاً: نقول: الأدلة المحكمة تثبت أنه فوق السماء، وهذا دليل محتمل، فإذا تعارض المحكم والمحتمل قدمنا المحكم على المحتمل.
ثانياً: هذه الآية بدأها الله بالعلم وختمها بالعلم، وعلماء الأصول يقولون: السياق من المقيدات، يعني: أن السياق هو الذي يثبت لك معنى هذه المعية، فالسباق واللحاق يثبت لك تفسير هذه المعية، وأنها معية إحاطة وعلم، وهذه هي المعية العامة.
ولله معيتان: معية عامة، ومعية خاصة، فالمعية العامة هي التي تشمل المؤمن والكافر وكل الخلائق، وهي الإحاطة بالعلم، التي قال الله فيها:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد:٤]، أي نفس تتنفسه فالله جل وعلا يعلم به، فهو يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.
ومعية خاصة، هذه المعية الخاصة للرسل وللمؤمنين، وهي معية النصرة والتأييد، قال الله جل وعلا لموسى وهارون:{اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ}[طه:٤٣]، فلما خافا منه وخشيا على أنفسهما قال الله تعالى:{لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه:٤٦] أي: معكما بالنصرة والتأييد والحفظ والرعاية.
أيضاً: الاسم مشتق من السمة، وهي العلامة، وهذا ينطبق على أسماء الله؛ لأن كل اسم من أسمائه تعالى علم على ذات الله جل وعلا، فأنت عندما تقول:(الله) يرسخ في ذهنك وينصرف إلى جهة الذات الإلهية.