قتل عثمان صابراً محتسباً، وكان قد نام ليلة طيبة هنيئة، فرأى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا عثمان! تفطر عندنا اليوم.
فعلم أنه مقتول رضي الله عنه وأرضاه، فقام صائماً وما أفطر، ثم أخذ كتاب الله بين يديه يتلوه، فتسور هؤلاء الأوغاد بيتاً بجانب بيت عثمان رضي الله عنه وأرضاه ثم دخلوا عليه، فلما دخلوا عليه رأوه يقرأ كتاب الله فدخل عليه محمد بن أبي بكر أولاً، وقال بعض الرواة: إنه دخل فأخذ بلحيته.
فقال عثمان: لو كان أبوك حياً ما رضي بهذا المقعد مني، يعني ما رضي هو نفسه أن يقعد هذا المقعد مني، فارتجف قلب محمد بن أبي بكر وقام يحجز عنه ويدافع عنه وينافح وما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
وفي رواية: لما دخل على عثمان فرآه فقال: ارجع فلست بصاحبي.
فرق قلبه لهذا الكلام وخرج من وقته، ثم دخل هؤلاء الأوغاد، والمصري الخبيث هو الذي قتله، ويقال: إن عبد الله بن سبأ هو الذي قتله، وممن قال هذا محب الدين الخطيب فلعله ينافح عن المصريين فهو قال: ما قتله إلا عبد الله بن سبأ الأسود الخبيث.
وبعض الروايات قالت: المصري الخبيث هو الذي قتل عثمان، فدخل عليه وهو يقرأ الكتاب ويمسك المصحف بيده فقطع يده، فسال الدم على المصحف فقال: كم كتبت هذه اليد كلام الله جل وعلا؛ لأنه كان كاتب وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم تركوه ينزف حتى قتل رضي الله عنه وأرضاه.
ودخلت زوجته فقطعوا يدها، ثم نظر هذا الخبيث إلى جسدها فقال: ما أجمل هذا الجسد! قالت: خسئت والله! ما جئت لله.
يعني لو جئت لله ما قلت هذا، وتنظر إلى عورة أمير المؤمنين.
ثم تركوه حتى مات رضي الله عنه وأرضاه صابراً محتسباً، ودفن بالبقيع، وذهب تصديقاً للرسول صلى الله عليه وسلم يفطر مع رسول الله.
ونسأل الله جل وعلا أن نراه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى، ويحشرنا معه وجزاه عنا وعن المسلمين خير الجزاء.