المؤمنون أو غير المؤمنين ينقسمون بالنسبة لخوارق العادات أربعة أقسام: القسم الأول: قسم وحدوا الله حق التوحيد وأتموا الفرائض وانتهوا عن المحرمات، وقالوا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وحدثت لهم خوارق العادات، وهؤلاء من أولياء الله الصالحين، الذين قال فيهم الله جل وعلا:{لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[يونس:٦٢].
القسم الثاني: قسم فسقة وفجرة، استخدموا الشياطين واستخدمتهم الشياطين، وتراهم يمشون على الماء وتراهم يذهبون للحج يوم عرفة ويرجعون ويقولون: حججنا، وهم في بلاد بعيدة، وتراهم يفعلون أموراً خارقة للعادة وهم ليسوا على الإسلام، كما قال الشافعي: إذا رأيت رجلاً يمشي على الماء أو يطير في الهواء، فنقيسه على الكتاب والسنة، فإن وافق الكتاب والسنة فهو من أولياء الله الصالحين، وإلا فهو من أولياء الشيطان الرجيم.
القسم الثالث: قسم كفرة، جحدوا بآيات الله جل وعلا، وأيضاً هؤلاء الناس استخدموا الشياطين، ولكنهم استخدموهم في إفساد عقائد الناس، فهم دجلة، وسيدهم هو الدجال الأكبر: المسيح الدجال، الذي سيأتي أمام الناس يحيي الموتى، يأتيه الرجل فيقول له: تؤمن بي؟ يقول: أؤمن بك على شرط، يقول: ما شرطك؟ يقول: تحيي لي أبي وأمي، فيظن الرجل أنه يحيي أباه وأمه، ولكن ذلك عن طريق الجن حيث يتمثلون في أبيه وأمه، وهو لا يحيي أباه وأمه.
فهؤلاء الناس استخدموا الشياطين كفراً وإلحاداً لإفساد عقائد الناس، ويتجرءون على الله، ويزعمون أنهم من الربوبية بمكان، ومن الإلهية بمكان؛ لأن الدجال يرتقي، يدعي النبوة بعدما يصنع خوارق العادات، والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا أن اسمه المسيح؛ لأنه يمسح مشارق الأرض ومغاربها في أوقات يسيرة، ويأتي على الأرض الخربة فيقول: أخرجي كنوزك، فتخرج الكنوز، وينظر إلى السماء فيقول: أمطري فتمطر، فيغوي الناس بذلك، ويمر على الفقراء فيغنيهم، ويمر على الأغنياء فيفقرهم، أي: آتاه الله من لوازم الربوبية ما آتاه فتنة للعباد؛ فيدعي النبوة، ثم يرتقي إلى الربوبية، ويطلب لنفسه الإلهية، ويقول: أنا ربكم الأعلى، كما قال فرعون.
وهذا القسم الثالث هم من الكفر بمكان، وهم أكثر الناس.
القسم الرابع: قسم عباد زهاد، ولكنهم لا يرتقون هذه المنزلة التي سبقت؛ لأن الشياطين هم الذين يستغلونهم، فهؤلاء عبدوا الله على جهل، وهؤلاء صنف من صنف المتصوفة، الذين يرون بالكشف والوجد والذوق، تجد الرجل يجلس ثم ينتفض ويقوم ويبتسم وكأنه يعانق أحداً، فلما تسأله يقول: قد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما حضر شيطانه، لكن يحسب أن هذا رسول الله، ويحسب أن هذه كرامة له من الله جل وعلا أو أن الملائكة تحرسه أو تأكل معه، أو يرى دابة على صورة حمار تأخذه فتطير به في الهواء، ويقول: هذه كرامة من الله، وهو جاهل، ويعبد الله على جهل، ويخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والولاية لا تكون لجاهل أبداً، إذ الجاهل يعبد الله وهو على جهل، فيشرك بالله حيث أراد صاحبه، وكم من مريد للخير لم يبلغه! فهذا القسم الرابع نعوذ بالله منهم، ونسأل الله جل وعلا أن نكون من الصنف الأول.