لقد اختلف العلماء في حد الكبائر وضبطها وكم هي، فقال ابن مسعود هي أربع، وسنده الحديث الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(قلت: أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك).
وسئل ابن عمر عن الكبائر فقال: هي سبع، وسنده في ذلك الحديث الذي رواه أبو هريرة:(اجتنبوا السبع الموبقات) فلما روي إلى حبر الأمة ابن عباس: أن ابن عمر قال: هي سبع قال: هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع، فبين أنها كثيرة.
ونقول: الحد الذي حده ابن عباس كان حداً واضحاً فقال: كل ما أوجب الله على عمل من نار فهو كبير، وهذا حد قاطع، يعني: كل شيء أوجب الله النار على من فعله فهو من الكبائر.
وقال سعيد بن جبير: من حد على عمل فهو من الكبائر.
ثم إن شيخ الإسلام جمع هذه الأقوال وقال: كل لعن في عمل فهو من الكبيرة، وكل ما أوجب حداً فهو كبيرة، وكل ما جاء النص بالويل والثبور والعذاب في الآخرة فهو من الكبائر.
يعني: إذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله كذا، فهذا الفعل من الكبائر، ويدخل في ذلك أمر يستخف به الناس، وهو الاستنزاه من البول، فعدم الاستنزاه أو عدم الاستتار من البول من الكبائر، فقد جاء في الحديث عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين يعذبان، فقال: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال: بلى بل هو كبير، أما الأول فكان لا يستنزه من بوله)، فويل لمن لا يحسن الاستنجاء ويل له؛ لأنه قد فعل كبيرة، وفي رواية أخرى قال:(لا يستتر من بوله)، فويل ثم ويل لمن يتكشف ولا يستر عورته؛ فإن كشف العورات فيها العذاب في القبر، بل عامة عذاب القبر من عدم الاستنزاه من البول.
وأيضاً: الغيبة والنميمة هما من الكبائر.
وأيضاً: التخلي في الطرق في الأماكن، أو المثمرة -أي: التي فيها شجر أو هي ظل للناس- ببول أو غائط من الكبائر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(اتقوا اللعانين، قالوا: يا رسول الله! ما اللاعنان؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الذي يتخلى في طريق الناس، أو ظلهم).
الغرض المقصود: أن ما فيه لعن أو أوجب حداً أو كان فيه عذاب في الآخرة، فهو كبيرة من الكبائر.