[ردود أهل السنة على الجبرية في فهمهم لحديث احتجاج آدم وموسى]
اختلفت أقوال أهل العلم في معنى هذا الحديث على أربعة أقوال أو أكثر: القول الأول: قالوا: (فحاج آدم موسى) الحجة هنا حجة الأبوة؛ لأن آدم هو أب لموسى، والأب مع بنيه تكون الحجة دائماً مع الأب لأنه الأكبر.
ورد أهل السنة على هذا القول بأنه باطل مردود، فمنزلة الأبوة والبنوة لا تقلب الحق باطلاً ولا الصواب خطأ أو الخطأ صواباً، بل إن إبراهيم كان في منزلة البنوة وأبوه في منزلة الأبوة وكانت الحجة لإبراهيم في قوله:{يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا}[مريم:٤٣].
فكانت الحجة مع إبراهيم عليه السلام على أبيه، فمنزلة الأبوة والبنوة لا تقلب الحق باطلاً ولا الخطأ صواباً.
والرد الثاني على أقوالهم الباطلة والتي قالوا فيها: إن آدم احتج في هذا الحديث بالقدر على موسى؛ لأن موسى لامه على الذنب الذي وقع فيه، وآدم قد تاب من هذا الذنب، وإذا عير أحد بذنب قد تاب منه تكون الحجة معه؛ لأن (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) كما بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبينت الآيات أن الذي يتوب يتوب الله عليه، فنقول هذا الرأي وإن كان أوجه من الأول لكنه باطل مردود من وجهين: الوجه الأول: لو كانت هذه هي حجة آدم لصرح بها لموسى، يعني لقال لموسى: كيف تلومني على ذنب قد تاب الله علي منه؟ ولم يقل آدم ذلك، فإن لم يقل آدم هذا بان لنا أن هذه ليست بجحة آدم.
الوجه الثاني في الرد على هذا التأويل: أن موسى عليه السلام لا يظن به أنه يعير أحداً بالذنب ويخفى عليه أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فهذا قدح في مقدار موسى عليه السلام أن يعير أحداً بذنب قد تاب منه.
أما الإجابة الثالثة لأهل السنة والجماعة قالوا: حجة آدم أن موسى عيره في الدار الآخرة، وهي دار غير دار التكليف، لا يلام فيه المرء.