للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسألة فناء الجنة والنار]

هل الجنة والنار تفنيان؟ أقول: الجنة لا تفنى بالاتفاق، فلا خلاف بين أهل العلم في أن الجنة لا تفنى؛ لأن الله جل وعلا لما تكلم عن أهل النعيم قال: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء:٥٧] فبين أنهم في خلود دائم لا موت فيه، وأيضاً عندما يؤتى بالموت ويراه أهل النار وأهل الجنة على الصراط فيذبح يقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت، فلا خلاف بين أهل العلم في أن أهل الجنة يخلدون فيها وأنها لا تفنى.

أما مسألة فناء النار فقد ورد عن الأولين والآخرين أنها لا تفنى إلا ما ورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم من أن النار تفنى، واستدلوا على ذلك بكثير من الآثار والأدلة التي لا معول عليها، وقد ورد كلام آخر عن شيخ الإسلام وابن القيم أنها لا تفنى، وهذا الأليق بشيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم.

أما دليلهم الذي استدلوا به على فناء النار فقالوا: قال الله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود:١٠٧] فاستدلوا بهذا الاستثناء، وقالوا: قد ورد بسند صحيح عن ابن مسعود وأبي هريرة أنهما قالا: (ليأتين زمان على النار ليس فيها أحد) وهذا هو الشاهد، ووجه الاستدلال: أنها تخلوا فإذا خلت فنيت لأنه لا عمل لها.

والصحيح الراجح: أن هذا الكلام من أخطأ الخطأ، وإن كانت من شيخ الإسلام تغفر في بحر الحسنات، ومن مثل شيخ الإسلام؟ والمعصوم من عصمه الله وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، وإن كانت من هذا العالم فقد اجتهد فأخطأ فله أجر، وإن كان قد أصاب فله أجران، لكن الصحيح خلاف قول شيخ الإسلام وابن القيم.